التوبة هى البداية وهى النهاية لكل إنسان يريد الفوز بالجنة
صفحة 1 من اصل 1
التوبة هى البداية وهى النهاية لكل إنسان يريد الفوز بالجنة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أما بعد
التوبة هي البداية والنهاية
التوبة هي بداية العبد ونهايته .. وحاجته إليها فى النهابة ضرورية كما فى البداية يقول الله تبارك وتعالى:
{ وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أَوْ آبَآئِهِنّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ أَبْنَآئِهِنّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِيَ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنّ أَوْ نِسَآئِهِنّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرّجَالِ أَوِ الطّفْلِ الّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَاتِ النّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ وَتُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ }[1]
هذه الآيه يخاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه ويطلب منهم أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم . ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه . فمن لم يتب فقد ظلم نفسه . قال تعالى :
{ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ عَسَىَ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مّن نّسَآءٍ عَسَىَ أَن يَكُنّ خَيْراً مّنْهُنّ وَلاَ تَلْمِزُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإَيمَانِ وَمَن لّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ }[2]
أي أن الإنسان إما تائب وإما ظالم ، ولا يوجد قسم ثالث ، فالظالم هو الذى رفض التوبة فلا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله !! .
ولنا فى الحبيب المصطفى rالأسوه الحسنه .. كان أصحابه يعدون له فى المجلس الواحد قبل أن يقوم :
[" رب اغفر لى وتب على إنك أنت التواب الغفور .. مائة مره"][3]
وما صلى صلاة قط بعد إذ نزلت عليه ( إذا جاء نصر الله والفتح )الى آخرها إلا قال فيها:[" سبحانك اللهم ربنا وبحمدك .. اللهم اغفر لى " ][4]
.
الله رب الناس ينادى كل الناس ويأمرهم لمصلحتهم :
· أمرك بشكره – لا لحاجته إليك . ولكن لتنال به المزيد من فضله .!!
· أمـرك بذكـره ليذكـرك بإحسـانه.علمـا بأنـه محسـن إليك قبل خلقك وبعد خلقك .!!
· أمرك بسؤاله ليعطيك ، فلم تسأله .. علما بأنه أعطاك أجل العطايا بلا سؤال .!!
· ومع ذلك تشكوا من يرحمك الى من لا يرحمك. !!
· واستعنت بنعمه عليك وإحسانه لك بالصحة والعافية والمال والجاه على معصيته .!!
· دعاك الى بابه فما وقفت عليه ولا طرقته ، ثم فتحه لك فما ولجته . !!
ومع هذا فلم يدعك تيأس من رحمته . بل قال متى جئتنى قبلتك وإن آتيتنى ليلا قبلتك وإن آتيتنى نهارا قبلتك ، وإن تقربت منى شبرا تقربت منك ذراعا ، وإن تقربت منى ذراعا تقربت منك باعا ، وإن مشيت إلى هرولت إليك ولو لقيتنى بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتنى لآ تشرك بى شيئا أتيتك بقرابها مغفرة ، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتنى غفرت لك ، ومن أعظم منى جودا وكرما !!
عبادي يبارزوننى بالعظائم ، وأنا أكلؤهم على فرشهم ، إنى والجن والإنس فى نبأ عظيم .. أخلق ويعبد غيري ،وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلى صاعد . أتحبب إليهم بنعمى وأنا الغنى عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي . من أقبل إلي تلقيته من بعيد ، ومن أعرض عنى ناديته من قريب ، ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد ، ومن أراد رضائي أردت ما يريد ، ومن تصرف بحولى وقوتى ألنت له الحديد .
أهل ذكري أهل مجالستى ، وأهل شكري أهل زيادتى ، وأهل طاعتى أهل كرامتى ، وأهل معصيتى لا أقنطهم من رحمتى ، إن تابوا إلى فأنا حبيبهم ، فإنى أحب التوابين وأحب المتطهرين ، و ان لم يتوبوا إلى فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب.
من آثرني على سواى آثرته على سواه . الحسنه عندي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة . والسيئة عندى بواحدة فإن ندم عليها واستغفرنى غفرتها له .
أشكر اليسير من العمل ، وأغفر الكثير من الزلل . رحمتي سبقت غضبى وحلمي سبق مؤاخذتى . وعفوى سبق عقوبتى ، أنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها .
[" لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل ضلت راحلته بأرض مهلكة عليها طعامه وشرابه ، فطلبها حتى إذا يأس من حصولها فنام فى أصل شجرة ينتظر الموت فاستيقظ فإذا هي على رأسه ، قد تعلق خطامها بالشجرة . فالله أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته"][5]
وهذه فرحة إحسان وبر ولطف ، لا فرحة محتاج الى توبة عبده ، منتفع بها وكذلك موالاته لعبده إحسانا إليه ، ومحبة وبرا به لا يتكثر به من قلة ، ولا يتعذر به من ذلة . ولا ينتصر به من غلبة ، ولا يعده لنائبة ، ولا يستعين به فى أمر .
قال تعالى: { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي لَمْ يَتّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لّهُ وَلِيّ مّنَ الذّلّ وَكَبّرْهُ تَكْبِيراً }[6]
فنفى أن يكون له ولي من الذل . والله ولي الذين آمنوا وهم أولياؤه .
فهذا شأن الرب وشأن العبد. وهم يقيمون أعذار لأنفسهم، ويحملون ذنوبهم على أقداره .
لا يستحق العبد اسم التائب حتى يتخلص من جميع أجناس المحرمات وهي اثنا عشر مذكورة فى كتاب الله عز وجل :
1- الكفر 2- الشرك 3-النفاق 4- الفسوق
5- العصيان 6- الإثم 7-العدوان 8- الفحشاء
9- المنكر 10- البغي 11-القول على الله بغير علم
12- اتباع غير سبيل المؤمنين
فإذا ما عزمت على التوبة فاستغفر الله واخلص له فى الدعاء، وأن تكون متأكداً
(موقناُ) بالإجابة … ومفتاح التوبة أن تدعوا الله معترفا و نادماً :
قال تعالى: { قَالَ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ }[7]
في بَيَان بعض الأسرَار فى فاتِحَة الكِتاب العَزيز .
لا شك أن من تدبَّر الفاتحة الكريمة رأى من غزارة المعاني وجمالها، وروعة التناسب وجلاله ما يأخذ بلبه، ويضىء جوانب قلبه، فهو يبتدئ ذاكراً تالياً متيمناً باسم الله، الموصوف بالرحمة التي تظهر آثارها رحمته متجددة في كل شيء، فإِذا استشعر هذا المعنى ووقر في نفسه انطلق لسانه بحمد هذا الإِله [الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] وذكّره الحمد بعظيم نعمه وكريم فضله، وجميل آلائه البادية في تربيته للعوالم جميعاً، فأجال بصيرته في هذا المحيط الذي لا ساحل له، ثمّ تذكر من جديد أن هذه النعم الجزيلة والتربية الجليلة، ليست عن رغبةٍ ولا رهبة، ولكنها عن تفضل ورحمة، فنطق لسانه مرة ثانية بـ [الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] ومن كمال هذا الإِله العظيم أن يقرن الرحمن بـ "العدل" ويذكّر بالحساب بعد الفضل فهو مع رحمته السابغة المتجددة سيُدين عباده ويحاسب خلقه يوم الدين قال تعالى: { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ }[8]
فتربيته لخلقه قائمة على الترغيب بالرحمة، والترهيب بالعدالة والحساب {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وإِذا كان الأمر كذلك فقد أصبح العبد مكلفاً بتحري الخير والبحث عن وسائل النجاة، وهو في هذا أشد ما يكون حاجة إِلى من يهديه سواء السبيل، ويرشده إِلى الصراط المستقيم ، وليس أولى به في ذلك من خالقـه ومـولاه فليلجـأ إِليـه وليعتمـد عليـه وليخاطبـه بقـوله ] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [.
وليسأله الهداية من فضله إِلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم بمعرفة الحق واتباعه، غير المغضوب عليهم بالسلب بعد العطاء، والنكوص بعد الاهتداء، وغير الضالين التائهين، الذين يضلون عن الحق أو يريدون الوصول إِليه فلا يوفقون للعثور عليه، آمين. ولا جرم أن "آمين" براعة مقطع في غاية الجمال والحسن، وأي شيء أولى بهذه البراعة من فاتحة الكتاب، والتوجه إِلى الله بالدعاء ؟ فهل رأيت تناسقاً أدق ، أو ارتباطاً أوثق ، مما تراه بين معاني هذه الآية الكريمة ؟
وتَذَكَّر وأنت تهيم في أودية هذا الجمال ما يرويه رسول الله rعن ربه في الحديث القدسي : (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ..) الحديث وأدم هذا التدبير والإِنعام، واجتهد أن تقرأ في الصلاة وغيرها على مكث وتمهّل، وخشوع وتذلَل، وأن تقف على رؤوس الآيات، وتعطي التلاوة حقها من التجويد أو النغمات، من غير تكلف ولا تطريب، واشتغال بالألفاظ عن المعاني، فإِن ذلك يعين على الفهم، ويثير الدمع، وما نفع القلب شيء أفضلُ من تلاوة في تدبرٍ وخشوعٍ".
- و يعلمنا سبحانه و تعالى الحمد فى الدنيا و الآخره بقوله :
{ الْحَمْدُ للّهِ الّذِي لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الاَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }[9]
- و يعلمنا سبحانه و تعالى الحمد بعد الدعاء بقوله :
{ هُوَ الْحَيّ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ فَـادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الْحَـمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ }[10]
- و يعلمنا سبحانه و تعالى الحمد على ما هدانا بقوله :
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مّنْ غِلّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِي هَدَانَا لِهَـَذَا وَمَا كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلآ أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبّنَا بِالْحَقّ وَنُودُوَاْ أَن تِلْكُمُ الْجَنّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }[11]
- قال تعالى : { وَالّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لّلّذِينَ آمَنُواْ رَبّنَآ إِنّكَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ }[12]
الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله
أخوكم الراجى رحمة ربه
د السيد شطا
[1] -[سورة: النور - الأية: 31]
[2] -[سورة: الحجرات - الأية: 11]
[3] - رواه احمد وابو داود والترمذىوابن ماجة عن عمر
[4] - رواه البخارى ومسلم عن عائشة رضي الله عنهه
[5] - رواه البخارى 6308/ ومسلم 2744/ عن عبد الله بن مسعود
[6] -[سورة: الإسراء - الأية: 111]
[7] -[سورة: القصص - الأية: 16]
[8] -[سورة: الإنفطار - الآية: 19]
[9] -[سورة: سبأ - الآية: 1].
[10] - [سورة: غافر - الآية: 65]
[11] - [سورة: الأعراف - الآية: 43]
[12] -[سورة: الحشر - الآية: 10].
التوبة هي البداية والنهاية
التوبة هي بداية العبد ونهايته .. وحاجته إليها فى النهابة ضرورية كما فى البداية يقول الله تبارك وتعالى:
{ وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أَوْ آبَآئِهِنّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ أَبْنَآئِهِنّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِيَ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنّ أَوْ نِسَآئِهِنّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرّجَالِ أَوِ الطّفْلِ الّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَاتِ النّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ وَتُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ }[1]
هذه الآيه يخاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه ويطلب منهم أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم . ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه . فمن لم يتب فقد ظلم نفسه . قال تعالى :
{ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ عَسَىَ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مّن نّسَآءٍ عَسَىَ أَن يَكُنّ خَيْراً مّنْهُنّ وَلاَ تَلْمِزُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإَيمَانِ وَمَن لّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ }[2]
أي أن الإنسان إما تائب وإما ظالم ، ولا يوجد قسم ثالث ، فالظالم هو الذى رفض التوبة فلا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله !! .
ولنا فى الحبيب المصطفى rالأسوه الحسنه .. كان أصحابه يعدون له فى المجلس الواحد قبل أن يقوم :
[" رب اغفر لى وتب على إنك أنت التواب الغفور .. مائة مره"][3]
وما صلى صلاة قط بعد إذ نزلت عليه ( إذا جاء نصر الله والفتح )الى آخرها إلا قال فيها:[" سبحانك اللهم ربنا وبحمدك .. اللهم اغفر لى " ][4]
.
الله رب الناس ينادى كل الناس ويأمرهم لمصلحتهم :
· أمرك بشكره – لا لحاجته إليك . ولكن لتنال به المزيد من فضله .!!
· أمـرك بذكـره ليذكـرك بإحسـانه.علمـا بأنـه محسـن إليك قبل خلقك وبعد خلقك .!!
· أمرك بسؤاله ليعطيك ، فلم تسأله .. علما بأنه أعطاك أجل العطايا بلا سؤال .!!
· ومع ذلك تشكوا من يرحمك الى من لا يرحمك. !!
· واستعنت بنعمه عليك وإحسانه لك بالصحة والعافية والمال والجاه على معصيته .!!
· دعاك الى بابه فما وقفت عليه ولا طرقته ، ثم فتحه لك فما ولجته . !!
ومع هذا فلم يدعك تيأس من رحمته . بل قال متى جئتنى قبلتك وإن آتيتنى ليلا قبلتك وإن آتيتنى نهارا قبلتك ، وإن تقربت منى شبرا تقربت منك ذراعا ، وإن تقربت منى ذراعا تقربت منك باعا ، وإن مشيت إلى هرولت إليك ولو لقيتنى بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتنى لآ تشرك بى شيئا أتيتك بقرابها مغفرة ، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتنى غفرت لك ، ومن أعظم منى جودا وكرما !!
عبادي يبارزوننى بالعظائم ، وأنا أكلؤهم على فرشهم ، إنى والجن والإنس فى نبأ عظيم .. أخلق ويعبد غيري ،وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلى صاعد . أتحبب إليهم بنعمى وأنا الغنى عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي . من أقبل إلي تلقيته من بعيد ، ومن أعرض عنى ناديته من قريب ، ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد ، ومن أراد رضائي أردت ما يريد ، ومن تصرف بحولى وقوتى ألنت له الحديد .
أهل ذكري أهل مجالستى ، وأهل شكري أهل زيادتى ، وأهل طاعتى أهل كرامتى ، وأهل معصيتى لا أقنطهم من رحمتى ، إن تابوا إلى فأنا حبيبهم ، فإنى أحب التوابين وأحب المتطهرين ، و ان لم يتوبوا إلى فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب.
من آثرني على سواى آثرته على سواه . الحسنه عندي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة . والسيئة عندى بواحدة فإن ندم عليها واستغفرنى غفرتها له .
أشكر اليسير من العمل ، وأغفر الكثير من الزلل . رحمتي سبقت غضبى وحلمي سبق مؤاخذتى . وعفوى سبق عقوبتى ، أنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها .
[" لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل ضلت راحلته بأرض مهلكة عليها طعامه وشرابه ، فطلبها حتى إذا يأس من حصولها فنام فى أصل شجرة ينتظر الموت فاستيقظ فإذا هي على رأسه ، قد تعلق خطامها بالشجرة . فالله أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته"][5]
وهذه فرحة إحسان وبر ولطف ، لا فرحة محتاج الى توبة عبده ، منتفع بها وكذلك موالاته لعبده إحسانا إليه ، ومحبة وبرا به لا يتكثر به من قلة ، ولا يتعذر به من ذلة . ولا ينتصر به من غلبة ، ولا يعده لنائبة ، ولا يستعين به فى أمر .
قال تعالى: { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي لَمْ يَتّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لّهُ وَلِيّ مّنَ الذّلّ وَكَبّرْهُ تَكْبِيراً }[6]
فنفى أن يكون له ولي من الذل . والله ولي الذين آمنوا وهم أولياؤه .
فهذا شأن الرب وشأن العبد. وهم يقيمون أعذار لأنفسهم، ويحملون ذنوبهم على أقداره .
لا يستحق العبد اسم التائب حتى يتخلص من جميع أجناس المحرمات وهي اثنا عشر مذكورة فى كتاب الله عز وجل :
1- الكفر 2- الشرك 3-النفاق 4- الفسوق
5- العصيان 6- الإثم 7-العدوان 8- الفحشاء
9- المنكر 10- البغي 11-القول على الله بغير علم
12- اتباع غير سبيل المؤمنين
فإذا ما عزمت على التوبة فاستغفر الله واخلص له فى الدعاء، وأن تكون متأكداً
(موقناُ) بالإجابة … ومفتاح التوبة أن تدعوا الله معترفا و نادماً :
قال تعالى: { قَالَ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ }[7]
في بَيَان بعض الأسرَار فى فاتِحَة الكِتاب العَزيز .
لا شك أن من تدبَّر الفاتحة الكريمة رأى من غزارة المعاني وجمالها، وروعة التناسب وجلاله ما يأخذ بلبه، ويضىء جوانب قلبه، فهو يبتدئ ذاكراً تالياً متيمناً باسم الله، الموصوف بالرحمة التي تظهر آثارها رحمته متجددة في كل شيء، فإِذا استشعر هذا المعنى ووقر في نفسه انطلق لسانه بحمد هذا الإِله [الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] وذكّره الحمد بعظيم نعمه وكريم فضله، وجميل آلائه البادية في تربيته للعوالم جميعاً، فأجال بصيرته في هذا المحيط الذي لا ساحل له، ثمّ تذكر من جديد أن هذه النعم الجزيلة والتربية الجليلة، ليست عن رغبةٍ ولا رهبة، ولكنها عن تفضل ورحمة، فنطق لسانه مرة ثانية بـ [الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] ومن كمال هذا الإِله العظيم أن يقرن الرحمن بـ "العدل" ويذكّر بالحساب بعد الفضل فهو مع رحمته السابغة المتجددة سيُدين عباده ويحاسب خلقه يوم الدين قال تعالى: { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ }[8]
فتربيته لخلقه قائمة على الترغيب بالرحمة، والترهيب بالعدالة والحساب {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وإِذا كان الأمر كذلك فقد أصبح العبد مكلفاً بتحري الخير والبحث عن وسائل النجاة، وهو في هذا أشد ما يكون حاجة إِلى من يهديه سواء السبيل، ويرشده إِلى الصراط المستقيم ، وليس أولى به في ذلك من خالقـه ومـولاه فليلجـأ إِليـه وليعتمـد عليـه وليخاطبـه بقـوله ] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [.
وليسأله الهداية من فضله إِلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم بمعرفة الحق واتباعه، غير المغضوب عليهم بالسلب بعد العطاء، والنكوص بعد الاهتداء، وغير الضالين التائهين، الذين يضلون عن الحق أو يريدون الوصول إِليه فلا يوفقون للعثور عليه، آمين. ولا جرم أن "آمين" براعة مقطع في غاية الجمال والحسن، وأي شيء أولى بهذه البراعة من فاتحة الكتاب، والتوجه إِلى الله بالدعاء ؟ فهل رأيت تناسقاً أدق ، أو ارتباطاً أوثق ، مما تراه بين معاني هذه الآية الكريمة ؟
وتَذَكَّر وأنت تهيم في أودية هذا الجمال ما يرويه رسول الله rعن ربه في الحديث القدسي : (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ..) الحديث وأدم هذا التدبير والإِنعام، واجتهد أن تقرأ في الصلاة وغيرها على مكث وتمهّل، وخشوع وتذلَل، وأن تقف على رؤوس الآيات، وتعطي التلاوة حقها من التجويد أو النغمات، من غير تكلف ولا تطريب، واشتغال بالألفاظ عن المعاني، فإِن ذلك يعين على الفهم، ويثير الدمع، وما نفع القلب شيء أفضلُ من تلاوة في تدبرٍ وخشوعٍ".
- و يعلمنا سبحانه و تعالى الحمد فى الدنيا و الآخره بقوله :
{ الْحَمْدُ للّهِ الّذِي لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الاَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }[9]
- و يعلمنا سبحانه و تعالى الحمد بعد الدعاء بقوله :
{ هُوَ الْحَيّ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ فَـادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الْحَـمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ }[10]
- و يعلمنا سبحانه و تعالى الحمد على ما هدانا بقوله :
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مّنْ غِلّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِي هَدَانَا لِهَـَذَا وَمَا كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلآ أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبّنَا بِالْحَقّ وَنُودُوَاْ أَن تِلْكُمُ الْجَنّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }[11]
- قال تعالى : { وَالّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لّلّذِينَ آمَنُواْ رَبّنَآ إِنّكَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ }[12]
الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله
أخوكم الراجى رحمة ربه
د السيد شطا
[1] -[سورة: النور - الأية: 31]
[2] -[سورة: الحجرات - الأية: 11]
[3] - رواه احمد وابو داود والترمذىوابن ماجة عن عمر
[4] - رواه البخارى ومسلم عن عائشة رضي الله عنهه
[5] - رواه البخارى 6308/ ومسلم 2744/ عن عبد الله بن مسعود
[6] -[سورة: الإسراء - الأية: 111]
[7] -[سورة: القصص - الأية: 16]
[8] -[سورة: الإنفطار - الآية: 19]
[9] -[سورة: سبأ - الآية: 1].
[10] - [سورة: غافر - الآية: 65]
[11] - [سورة: الأعراف - الآية: 43]
[12] -[سورة: الحشر - الآية: 10].
مواضيع مماثلة
» التوبة واجبة على كل إنسان . لماذا ؟
» ماذا يريد الله من الإنسان ؟
» التوبة لمن ؟؟ لله الواحد القهار الذى لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك
» ماذا تكسب من التوبة فى الآخرة ؟ وماذا تخسر ؟؟ الاستقبال الملائكى للمتوفى أثناء الوفاة فقط
» التوبة مشروع إنسانى وطنى [مصر] قومى،أممى ، عالمى يكسب فيه الجميع إنسانا عزيزا قويا مسالما متصالح مع نفسه مع أهله ومع كل الناس ومع الوطن بل مع الكون كله ويرضى عنه رب العالمين ويحبه الله قال تعالى { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَ
» ماذا يريد الله من الإنسان ؟
» التوبة لمن ؟؟ لله الواحد القهار الذى لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك
» ماذا تكسب من التوبة فى الآخرة ؟ وماذا تخسر ؟؟ الاستقبال الملائكى للمتوفى أثناء الوفاة فقط
» التوبة مشروع إنسانى وطنى [مصر] قومى،أممى ، عالمى يكسب فيه الجميع إنسانا عزيزا قويا مسالما متصالح مع نفسه مع أهله ومع كل الناس ومع الوطن بل مع الكون كله ويرضى عنه رب العالمين ويحبه الله قال تعالى { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى