الهجرة حدث غير مجرى التاريخ {وذكرهم بأيام الله }
صفحة 1 من اصل 1
الهجرة حدث غير مجرى التاريخ {وذكرهم بأيام الله }
[ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) ] ابرهيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين
وكل عام وأنتم بخير بالعام الهجرى الجديد
الهجرة.. حدث غيّر مجرى التاريخ
خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته في ليلة الجمعة بتاريخ سبع وعشرين من صفر من السنة الرابعة عشر بعد البعثة الموافق: 13/9/ 622م . وكمن في الغار ليلة الجمعة والسبت والأحد وذكرأنه انطلق ليلة الإثنين إلى المدينة بتاريخ 1/3/14 من البعثة الموافق 16/ 9/ 622م وأنه وصل إلى قباء في يوم الأثنين 8/ 3/ 14 من البعثة الموافق 23 / 9 / 622 م ووصل المدينة يوم اثني عشر من ربيع الأول، هذا وليعلم أن ماذكره المباركفوري من أن ذلك كان في السنة الرابعة عشر إنما هو بناء على أن السنة تبدأ من شهر محرم وعليه فهو لا يخالف ما ذكره غيره من أهل العلم أن الهجرة كانت في السنة الثالثة عشرة. [رجح المباركفوري في الرحيق المختوم تبعا لما رواه ابن اسحاق]
ومن أهم أسباب نجاح الهجرة إلى الحبشة.. قول النبي (صلى الله عليه وسلم) للصحابة { فإن بها ملكًا لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه}"، فخرج فريق من المسلمين إلى أرض الحبشة؛ مخافة الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام. وهذا دليل على معرفة واسعة للنبي الكريم بأحوال شبه الجزيرة العربية، واتجاهاتها السياسية، فلم يكن هناك مكان أصلح للحماية والإيواء من الحبشة .
ومن أهم أسباب نجاح الهجرة إلى المدينة :
(1)هو نجاحه صلى الله عليه وسلم الباهر في إعداد المكان الذي سينزل به هو وأصحابه، مستخدمًا كل الوسائل الممكنة من توثيق عرى العلاقات مع أهل يثرب بعقد معاهدتين عظيمتين، وإرسال داعية عظيم الكفاءة، قوي الإيمان، شديد الإخلاص؛ لنشر الدين، وجذب الأتباع هناك.
(2) آليات الهجرة التي اتبعها النبي (صلى الله عليه وسلم) في خروجه من مكة إلى المدينة، في واحدة من أجلّ ما عرف تاريخ المغامرة في سبيل الحق والعقيدة والإيمان قوة وروعة، وتفاصيل هذه الهجرة مذكورة في كتب السيرة، ولسنا في حاجة إلى سردها الآن، ولكن يمكن القول بأنها كانت سرية إلى أقصى حد، ودقيقة إلى أبعد مدى، وضع لها النبي (صلى الله عليه وسلم) كل ما في وسع البشر وطاقتهم من وسائل تضمن لها النجاح، وخطط تحقق لها التوفيق، فإذا لم يفلح ذلك كله، فستأتي عناية الله في اللحظة المناسبة.
الرسول في المدينة: وصل النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة في ضحى يوم الإثنين، الموافق (12 من ربيع الأول للسنة الأولى من الهجرة = 24 سبتمبر 622م) حتى بدأ العمل الجاد، والسعي الدءوب، حتى أكمل رسالته على نحو لا مثيل له في تاريخ الإنسانية.
و كانت يثرب واحات متفرقة في سهل فسيح يسكنها قبائل الأوس والخزرج والجماعات اليهودية، فنظّم (صلى الله عليه وسلم) العمران بالمدينة، وشق بها طرقا معبّدة، وأقام المسجد وهو مقر الرئاسة الذي تقام فيه الصلاة، وتُبرم فيه كل الأمور،وتُعقد به مجالس التشاور للحرب والسلم واستقبال الوفود، وبجوار المسجد اتخذ النبي مساكنه، وكانت متصلة بالمسجد، بحيث يخرج منها إلى صلاته مباشرة، وأصبح من السُنّة أن تُبْنى المساجد وبجوارها بيوت الولاة ودواوين الحكم.
ثم أصلح النبي ما بين الأوس والخزرج وأزال ما بينهما من عداوة، وجمعهما في اسم واحد هو الأنصار، ثم آخى بينهم وبين المهاجرين على أساس أن المؤمنين إخوة، وكانت المرة الأولى التي يعرف فيها العرب شيئا يسمى الأخوة، دون قرابة أو صلة رحم، حيث جعل كل رجل من المهاجرين يؤاخي رجلا من الأنصار، فيصير الرجلان أخوين، بينهما من الروابط ما بين الأخوين من قرابة الدم.
وبعد المؤاخاة كانت الصحيفة هي الدستور الذي وضعه النبي (صلى الله عليه وسلم) لتنظيم الحياة في المدينة، وتحديد العلاقات بينها وبين جيرانها، هذه الوثيقة لم يُمْلِها النبي (صلى الله عليه وسلم) إملاء، وإنما كانت ثمرة مناقشات ومشاورات بينه وبين أصحابه من المهاجرين والأنصار وغيرهم،
وكلما استقروا على مبدأ قام الرسول بإملاء نصه على علي بن أبي طالب، وشيئا فشيئا اكتملت الوثيقة، وأصبحت دستورا للجماعة الجديدة، ولا يكاد يُعرف من قبل دولة قامت منذ إنشائها على أساس دستور مكتوب غير هذه الدولة الإسلامية الجديدة، فإنما تقام الدول أولا، ثم يتطور أمرها إلى وضع دستور. وأدت هذه السياسة الحكيمة إلى قيام جماعة متآلفة متحابة استجابة لما دعا إليه القرآن من الهجرة إلى الله وإلى رسوله.
كانت بداية الدولة العربية الإسلامية على يدي النبي محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بوضع وثيقة المدينة والتي ألغت كثيراً من العادات القبلية لصالح دولة حضارية ، وتوسعت بعد ذلك في فترة الدولة الأموية والعباسية حتى بلغت في العصر الأموي الدولة الأموية أكبر دولة في التاريخ الإسلامي من حدود الصين وبورما شرقآ وأراكان المسلمة والهند وباكستان الشرقية (منطقة صاتغاونغ) شرقاً وحتى حدود فرنسا و اسبانيا الأندلس غرباً وفي عصر الدولة العثمانية توسعت الأراضي إلى أوروبا واليونان وبعد سقوط الدولة العثمانية عام 1924م بسقوط السلطان العثماني... بدأ التوسع الأوربي في البلاد الإسلامية.
وكانت الهجرة بعد 13 عاما من الجهاد معهم وتلقى أشد العذاب منهم، وبعد أن قرروا قتله صلى الله عليه وسلم
قال تعالى :{ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) } النساء
ما معنى الهجرة ؟؟
إن الهجرة معناها لغةً: مفارقة الإنسان غيره ببدنه أو بلسانه أو بقلبه.
ومعناها شرعاً: مفارقة بلاد الكفر أو مفارقة الأشرار أو مفارقة الأعمال السيئة والخصال المذمومة
هدف الهجرة :
مخافة الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم
ما هى أنواع الهجرة ؟؟
أولا: هجر أمكنة الكفر :
1- الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإيمان :
وهي من ملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ [الصافات:99] أي مهاجر من أرض الكفر إلى الإيمان، وقد هاجر عليه الصلاة والسلام ببعض ذريته إلى الشام حيث البلاد المقدسة والمسجد الأقصى، والبعض الآخر إلى بلاد الحجاز حيث البلد الحرام والبيت العتيق، كما جاء في دعائه لربه: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [إبراهيم:37].
2- الهجرة من أرض (بلد الله الحرام )إلى أ- أرض العدل الحبشة مخافة الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم ب-أرض الإيمان و رد ودائع من عذبوه وجوعوه 13 عاما ووقفوا ليقتلوه!!
والهجرة بشريعة محمد (صلى الله عليه وسلم) حيث أمر الصحابة بالهجرة إلى الحبشة لمّا اشتد عليهم الأذى من الكفار في مكة فخرجوا إلى أرض الحبشة مرتين فراراً بدينهم، وبقى النبي (صلى الله عليه وسلم) في مكة ثلاثة عشر عاما يدعو إلى الله ويلاقي من الناس أشد الأذى، وهو يقول: رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً [الإسراء:80]،
فأذن الله له بالهجرة إلى المدينة وأذن (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه بالهجرة إليها، فبادروا إلى ذلك فراراً بدينهم وقد تركوا ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله ، وقد أثنى الله عليهم ومدحهم ووعدهم جزيل الأجر والثواب، وصارت الهجرة قرينة الجهاد في كتاب الله عز وجل، وصار المهاجرون أفضل الصحابة حيث فرّوا بدينهم وتركوا أعزّ ما يملكون من الديار والأموال والأقارب والعشيرة، وباعوا ذلك لله عز وجل وفي سبيله وابتغاء مرضاته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ و الله إنك لخير أرض الله و أحب أرض الله إلي و لولا أني أخرجت منك ما خرجت } ـ صحيح الجامع الصغير المجلد الثاني 7089 ( صحيح )
حديث { روي أنه صلى الله عليه وسلم كان عنده ودائع فلما أراد الهجرة أودعها عند أم ايمن وأمر عليا أن يردها إلى أهلها } ـ إرواء الغليل 1546 ( حسن (
لا هجرة بعد الفتح لماذا ؟
عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "" لا هجرة ؛ ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا "" . وقال يوم فتح مكة: "" إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاها "" . فقال العباس: يا رسول الله ! إلا الأذخر ، فإنه لقينهم ولبيوتهم ؟ فقال: "" إلا الأذخر } ـ مشكاة المصابيح المجلد الثاني باب حرم مكة حرسها الله تعالى- الفصل الأول 2715[ 1 ] ( متفق عليه )
ثانيا: هجر أرض السوء :
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم من يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق فأتاه ملك الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة :جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة . وفي رواية ( صحيح ) فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها.
وفي رواية ( صحيح ) فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي وقال قيسوا بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له .وفي رواية قال قتادة قال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه ملك الموت نأى بصدره نحوها }. رواه البخاري ومسلم وابن ماجه بنحوه ـ صحيح الترغيب والترهيب المجلد الثالث 24 كتاب التوبة والزهد 3151 ) صحيح (
ثالثا: هجر الأعمال والأقوال الباطلة...
()هجر المعاصي من الكفر والشرك والنفاق وسائر الأعمال السيئة والخصال الذميمة والأخلاق الوخيمة، قال تعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم): وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر:5]، الرجز: الأصنام. وهجرتها: تركها والبراءة منها ومن أهلها.
رابعا: هجر الأشخاص الضالين...
()هجر العصاة من الكفار والمشركين والمنافقين والفساق وذلك بالإبتعاد عنهم، قال الله تعالى:
{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ }[المزمل:10] أي: اصبر على ما يقوله من كَذَّبك من سفهاء قومك: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً }[المزمل:10] أي اتركهم تركاً لا عتاب معه.
خامسا: هجرة القلوب :
شرع لعباده هجرة القلوب، وهجرة الأبدان، وجعل هاتين الهجرتين باقيتين على مر الزمان
()هجرة القلوب إلى الله تعالى بإخلاص العباده له في السر والعلانية، حتى لا يقصد المؤمن بقوله وعمله إلا وجه الله، ولا يحب إلا الله ومن يحبه الله، وكذلك الهجرة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باتباعه وتقديم طاعته والعمل بما جاء به.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { إنما الأعمال بالنية وفي رواية بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه }رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ـ صحيح الترغيب والترهيب المجلد الأول 1 كتاب الإخلاص 10 ) صحيح (
هجرة إلى الكتاب والسنة من الشركيات والبدع والخرافات والمقالات وهجر المذاهب والأقوال والآراء المخالفة للكتاب والسنة.
متى تنقطع الهجرة ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة و لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } ـ صحيح الجامع الصغير المجلد الثاني 7469 ( صحيح (
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد . } ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الرابع 1674 ( الصحيحة )
ما هى أفضل الهجرة ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفضل الهجرة أن تهجر ما كره ربك عز وجل . } ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني 553 ( الصحيحة )
ومن لم يستطع إظهار دينه في بلد فإنه يجب عليه أن ينتقل منها إلى بلد يستطيع فيه إظهار دينه.
كل إنسان مسئول :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "" ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه؛ فكلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته "" . ـ سنن أبي داود كتاب الخراج والفيء والإِمارة 2928 ) صحيح (
بعض صفات المسلم :
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ألا أخبركم بالمؤمن ؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب} . ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني 549 ( الصحيحة (
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قتال المؤمن كفر ، وسبابه فسوق ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام . } ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الخامس 2298 ( الصحيحة )
)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام ، يلتقيان فيقرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام "" . ـ صحيح الأدب المفرد 170 باب المتهجرين- 191 314/406 ) صحيح (
) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه} . ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني 928 ( الصحيحة )
) قال تعالى:{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [الأنفال:74].
ما حكم الله على المستسلمين ؟! فأولئك { مأواهم جهنم وساءت جهنم مصيراً }
وقد توعد الله من قدر على الهجرة فلم يهاجر وحكم عليه :
قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) }[النساء]
كما قال تعالى:{ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } النحل:42،41].
لما كانت الهجرة من آثار الجهاد ناسب ذكر القاعدين عنها لضرورة ولغير ضرورة فذكر تعالى في هذه الآيات الهجرة وأحكامها فقال تعالى :
{ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } حيث تركوا الهجرة ومكثوا في دار الهوان يضطهدهم العدو ويمنعهم من دينهم ويحول بينهم وبين عبادة ربهم . هؤلاء الظالمون لأنفسهم تقول لهم الملائكة عند قبض أرواحهم { فيم كنتم } ؟ تسألهم هذا السؤال لأن أرواحهم مدساة مظلمة لأنها لم تزك على الصالحات ، فيقولون معتذرين : { كنا مستضعفين في الأرض } فلم نتمكن من تطهير أرواحنا بالإِيمان وصالح الأعمال ،
فترد عليهم الملائكة قولهم : { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } وتعبدوا ربكم؟ ثم يعلن الله تعالى عن الحكم فيهم بقوله ، فأولئك البعداء { مأواهم جهنم } وساءت جهنم مصيراً يصيرون إليه ومأوى ينزلون فيه . ثم استثنى تعالى أصحاب الأعذار كما استثناهم في القعود عن الجهاد في الآيات قبل هذه فقال عز من قائل : { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } ، واستضعاف الرجال يكون بالعلل والنساء والولدان بالضعف الملازم لهم ، هؤلاء الذين لا يستطيعون حيلة أي لا قدرة لهم على التحول والإِنتقال لضعفهم ، { ولا يهتدون سبيلاً } إلى دار الهجرة لعدم خبرتهم بالدروب والمسالك فطمعهم تعالى ورجاهم بقوله : { فأولئك } المذكورون { عسى الله أن يعفوا عنهم } فلا يؤاخذهم ويغفر لهم بعض ما قصروا فيه ويرحمهم لضعفهم وكان الله غفوراً رحيماً .
هذ ما دلت عليه الآيات الثلاث .
أما الآية الرابعة رقم( 100 ) فقد أخبر تعالى فيها أن من يهاجر في سبيله تعالى لا في سبيل دينا يصيبها أو امرأة يتزوجها يجد بإذن الله تعالى في الأرض مذهباً يذهب إليه وداراً ينزل بها ورزقاً واسعاً يراغم به عدوه الذي اضطهده حتى هاجر من بلاده ، فقال تعالى : { ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة } ثم أخبر تعالى أن من خرج مهاجراً في سبيل الله أي لأجل عبادته ونصره دنيه ثم مات في طريق هجرته وإن لم يصل إلى دار الهجرة فقد وجب أجره على الله تعالى وسيوفاه كاملاً غير منقوص ، ويغفر الله تعالى له ما كان من تقصير سابق ويرحمه فيدخله جنته . إذ قال تعالى : { ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ، ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً .
من هداية الآيات :
1- وجوب الهجرة عندما يحال بين المؤمنين وعبادة ربه تعالى إذ لم يخلق إلا لها .
2- ترك الهجرة كبيرة من كبائر الذنوب يستوجب صاحبها دخول النار .
3- أصحاب الأعذار كما سقط عنهم واجب الجهاد يسقط عنهم واجب الهجرة .
4- فضل الهجرة في سبيل الله تعالى
5- من مات في طريق هجرته أعطى أجر المهاجر كاملاً غير منقوص وهو الجنة .
المسلم الحق صمام أمان للإنسانية كلها ، فهو فى هجرة دائمة وفى سفر دائم إلى الله تعالى فى سلوكه وأحواله وأقواله وأفعاله، فالمسلم يفر من عاداته وأفعاله الرديئة، مشغول بتهذيب قلبه وترويض نفسه على الطاعة، ولذا قال الحبيب المصطفى: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه» وقال تعالى: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا». عندها يتذوق العبد حلاوة الطاعة وتغلب عليه أنوارها، وعندها تجذبه تلك الأنوار إلى مقام الإيمان.
وهم كما قال الحق فيهم :
«قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون»،
وقال تعالى: «ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله».
لا تحرم نفسك من الهجرة لتفرح بفضل الله ورحمته وتذوق حلاوة الطاعة وينير الله قلبك بالايمان ..
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى
محبكم فى الله
د.السيد شطا
00201065467336
https://elsaidshata.yoo7.com/
elsaid_shata@yahoo.com
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين
وكل عام وأنتم بخير بالعام الهجرى الجديد
الهجرة.. حدث غيّر مجرى التاريخ
خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته في ليلة الجمعة بتاريخ سبع وعشرين من صفر من السنة الرابعة عشر بعد البعثة الموافق: 13/9/ 622م . وكمن في الغار ليلة الجمعة والسبت والأحد وذكرأنه انطلق ليلة الإثنين إلى المدينة بتاريخ 1/3/14 من البعثة الموافق 16/ 9/ 622م وأنه وصل إلى قباء في يوم الأثنين 8/ 3/ 14 من البعثة الموافق 23 / 9 / 622 م ووصل المدينة يوم اثني عشر من ربيع الأول، هذا وليعلم أن ماذكره المباركفوري من أن ذلك كان في السنة الرابعة عشر إنما هو بناء على أن السنة تبدأ من شهر محرم وعليه فهو لا يخالف ما ذكره غيره من أهل العلم أن الهجرة كانت في السنة الثالثة عشرة. [رجح المباركفوري في الرحيق المختوم تبعا لما رواه ابن اسحاق]
ومن أهم أسباب نجاح الهجرة إلى الحبشة.. قول النبي (صلى الله عليه وسلم) للصحابة { فإن بها ملكًا لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه}"، فخرج فريق من المسلمين إلى أرض الحبشة؛ مخافة الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام. وهذا دليل على معرفة واسعة للنبي الكريم بأحوال شبه الجزيرة العربية، واتجاهاتها السياسية، فلم يكن هناك مكان أصلح للحماية والإيواء من الحبشة .
ومن أهم أسباب نجاح الهجرة إلى المدينة :
(1)هو نجاحه صلى الله عليه وسلم الباهر في إعداد المكان الذي سينزل به هو وأصحابه، مستخدمًا كل الوسائل الممكنة من توثيق عرى العلاقات مع أهل يثرب بعقد معاهدتين عظيمتين، وإرسال داعية عظيم الكفاءة، قوي الإيمان، شديد الإخلاص؛ لنشر الدين، وجذب الأتباع هناك.
(2) آليات الهجرة التي اتبعها النبي (صلى الله عليه وسلم) في خروجه من مكة إلى المدينة، في واحدة من أجلّ ما عرف تاريخ المغامرة في سبيل الحق والعقيدة والإيمان قوة وروعة، وتفاصيل هذه الهجرة مذكورة في كتب السيرة، ولسنا في حاجة إلى سردها الآن، ولكن يمكن القول بأنها كانت سرية إلى أقصى حد، ودقيقة إلى أبعد مدى، وضع لها النبي (صلى الله عليه وسلم) كل ما في وسع البشر وطاقتهم من وسائل تضمن لها النجاح، وخطط تحقق لها التوفيق، فإذا لم يفلح ذلك كله، فستأتي عناية الله في اللحظة المناسبة.
الرسول في المدينة: وصل النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة في ضحى يوم الإثنين، الموافق (12 من ربيع الأول للسنة الأولى من الهجرة = 24 سبتمبر 622م) حتى بدأ العمل الجاد، والسعي الدءوب، حتى أكمل رسالته على نحو لا مثيل له في تاريخ الإنسانية.
و كانت يثرب واحات متفرقة في سهل فسيح يسكنها قبائل الأوس والخزرج والجماعات اليهودية، فنظّم (صلى الله عليه وسلم) العمران بالمدينة، وشق بها طرقا معبّدة، وأقام المسجد وهو مقر الرئاسة الذي تقام فيه الصلاة، وتُبرم فيه كل الأمور،وتُعقد به مجالس التشاور للحرب والسلم واستقبال الوفود، وبجوار المسجد اتخذ النبي مساكنه، وكانت متصلة بالمسجد، بحيث يخرج منها إلى صلاته مباشرة، وأصبح من السُنّة أن تُبْنى المساجد وبجوارها بيوت الولاة ودواوين الحكم.
ثم أصلح النبي ما بين الأوس والخزرج وأزال ما بينهما من عداوة، وجمعهما في اسم واحد هو الأنصار، ثم آخى بينهم وبين المهاجرين على أساس أن المؤمنين إخوة، وكانت المرة الأولى التي يعرف فيها العرب شيئا يسمى الأخوة، دون قرابة أو صلة رحم، حيث جعل كل رجل من المهاجرين يؤاخي رجلا من الأنصار، فيصير الرجلان أخوين، بينهما من الروابط ما بين الأخوين من قرابة الدم.
وبعد المؤاخاة كانت الصحيفة هي الدستور الذي وضعه النبي (صلى الله عليه وسلم) لتنظيم الحياة في المدينة، وتحديد العلاقات بينها وبين جيرانها، هذه الوثيقة لم يُمْلِها النبي (صلى الله عليه وسلم) إملاء، وإنما كانت ثمرة مناقشات ومشاورات بينه وبين أصحابه من المهاجرين والأنصار وغيرهم،
وكلما استقروا على مبدأ قام الرسول بإملاء نصه على علي بن أبي طالب، وشيئا فشيئا اكتملت الوثيقة، وأصبحت دستورا للجماعة الجديدة، ولا يكاد يُعرف من قبل دولة قامت منذ إنشائها على أساس دستور مكتوب غير هذه الدولة الإسلامية الجديدة، فإنما تقام الدول أولا، ثم يتطور أمرها إلى وضع دستور. وأدت هذه السياسة الحكيمة إلى قيام جماعة متآلفة متحابة استجابة لما دعا إليه القرآن من الهجرة إلى الله وإلى رسوله.
كانت بداية الدولة العربية الإسلامية على يدي النبي محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بوضع وثيقة المدينة والتي ألغت كثيراً من العادات القبلية لصالح دولة حضارية ، وتوسعت بعد ذلك في فترة الدولة الأموية والعباسية حتى بلغت في العصر الأموي الدولة الأموية أكبر دولة في التاريخ الإسلامي من حدود الصين وبورما شرقآ وأراكان المسلمة والهند وباكستان الشرقية (منطقة صاتغاونغ) شرقاً وحتى حدود فرنسا و اسبانيا الأندلس غرباً وفي عصر الدولة العثمانية توسعت الأراضي إلى أوروبا واليونان وبعد سقوط الدولة العثمانية عام 1924م بسقوط السلطان العثماني... بدأ التوسع الأوربي في البلاد الإسلامية.
وكانت الهجرة بعد 13 عاما من الجهاد معهم وتلقى أشد العذاب منهم، وبعد أن قرروا قتله صلى الله عليه وسلم
قال تعالى :{ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) } النساء
ما معنى الهجرة ؟؟
إن الهجرة معناها لغةً: مفارقة الإنسان غيره ببدنه أو بلسانه أو بقلبه.
ومعناها شرعاً: مفارقة بلاد الكفر أو مفارقة الأشرار أو مفارقة الأعمال السيئة والخصال المذمومة
هدف الهجرة :
مخافة الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم
ما هى أنواع الهجرة ؟؟
أولا: هجر أمكنة الكفر :
1- الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإيمان :
وهي من ملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ [الصافات:99] أي مهاجر من أرض الكفر إلى الإيمان، وقد هاجر عليه الصلاة والسلام ببعض ذريته إلى الشام حيث البلاد المقدسة والمسجد الأقصى، والبعض الآخر إلى بلاد الحجاز حيث البلد الحرام والبيت العتيق، كما جاء في دعائه لربه: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [إبراهيم:37].
2- الهجرة من أرض (بلد الله الحرام )إلى أ- أرض العدل الحبشة مخافة الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم ب-أرض الإيمان و رد ودائع من عذبوه وجوعوه 13 عاما ووقفوا ليقتلوه!!
والهجرة بشريعة محمد (صلى الله عليه وسلم) حيث أمر الصحابة بالهجرة إلى الحبشة لمّا اشتد عليهم الأذى من الكفار في مكة فخرجوا إلى أرض الحبشة مرتين فراراً بدينهم، وبقى النبي (صلى الله عليه وسلم) في مكة ثلاثة عشر عاما يدعو إلى الله ويلاقي من الناس أشد الأذى، وهو يقول: رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً [الإسراء:80]،
فأذن الله له بالهجرة إلى المدينة وأذن (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه بالهجرة إليها، فبادروا إلى ذلك فراراً بدينهم وقد تركوا ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله ، وقد أثنى الله عليهم ومدحهم ووعدهم جزيل الأجر والثواب، وصارت الهجرة قرينة الجهاد في كتاب الله عز وجل، وصار المهاجرون أفضل الصحابة حيث فرّوا بدينهم وتركوا أعزّ ما يملكون من الديار والأموال والأقارب والعشيرة، وباعوا ذلك لله عز وجل وفي سبيله وابتغاء مرضاته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ و الله إنك لخير أرض الله و أحب أرض الله إلي و لولا أني أخرجت منك ما خرجت } ـ صحيح الجامع الصغير المجلد الثاني 7089 ( صحيح )
حديث { روي أنه صلى الله عليه وسلم كان عنده ودائع فلما أراد الهجرة أودعها عند أم ايمن وأمر عليا أن يردها إلى أهلها } ـ إرواء الغليل 1546 ( حسن (
لا هجرة بعد الفتح لماذا ؟
عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "" لا هجرة ؛ ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا "" . وقال يوم فتح مكة: "" إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاها "" . فقال العباس: يا رسول الله ! إلا الأذخر ، فإنه لقينهم ولبيوتهم ؟ فقال: "" إلا الأذخر } ـ مشكاة المصابيح المجلد الثاني باب حرم مكة حرسها الله تعالى- الفصل الأول 2715[ 1 ] ( متفق عليه )
ثانيا: هجر أرض السوء :
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم من يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق فأتاه ملك الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة :جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة . وفي رواية ( صحيح ) فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها.
وفي رواية ( صحيح ) فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي وقال قيسوا بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له .وفي رواية قال قتادة قال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه ملك الموت نأى بصدره نحوها }. رواه البخاري ومسلم وابن ماجه بنحوه ـ صحيح الترغيب والترهيب المجلد الثالث 24 كتاب التوبة والزهد 3151 ) صحيح (
ثالثا: هجر الأعمال والأقوال الباطلة...
()هجر المعاصي من الكفر والشرك والنفاق وسائر الأعمال السيئة والخصال الذميمة والأخلاق الوخيمة، قال تعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم): وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر:5]، الرجز: الأصنام. وهجرتها: تركها والبراءة منها ومن أهلها.
رابعا: هجر الأشخاص الضالين...
()هجر العصاة من الكفار والمشركين والمنافقين والفساق وذلك بالإبتعاد عنهم، قال الله تعالى:
{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ }[المزمل:10] أي: اصبر على ما يقوله من كَذَّبك من سفهاء قومك: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً }[المزمل:10] أي اتركهم تركاً لا عتاب معه.
خامسا: هجرة القلوب :
شرع لعباده هجرة القلوب، وهجرة الأبدان، وجعل هاتين الهجرتين باقيتين على مر الزمان
()هجرة القلوب إلى الله تعالى بإخلاص العباده له في السر والعلانية، حتى لا يقصد المؤمن بقوله وعمله إلا وجه الله، ولا يحب إلا الله ومن يحبه الله، وكذلك الهجرة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باتباعه وتقديم طاعته والعمل بما جاء به.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { إنما الأعمال بالنية وفي رواية بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه }رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ـ صحيح الترغيب والترهيب المجلد الأول 1 كتاب الإخلاص 10 ) صحيح (
هجرة إلى الكتاب والسنة من الشركيات والبدع والخرافات والمقالات وهجر المذاهب والأقوال والآراء المخالفة للكتاب والسنة.
متى تنقطع الهجرة ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة و لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } ـ صحيح الجامع الصغير المجلد الثاني 7469 ( صحيح (
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد . } ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الرابع 1674 ( الصحيحة )
ما هى أفضل الهجرة ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفضل الهجرة أن تهجر ما كره ربك عز وجل . } ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني 553 ( الصحيحة )
ومن لم يستطع إظهار دينه في بلد فإنه يجب عليه أن ينتقل منها إلى بلد يستطيع فيه إظهار دينه.
كل إنسان مسئول :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "" ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه؛ فكلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته "" . ـ سنن أبي داود كتاب الخراج والفيء والإِمارة 2928 ) صحيح (
بعض صفات المسلم :
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ألا أخبركم بالمؤمن ؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب} . ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني 549 ( الصحيحة (
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قتال المؤمن كفر ، وسبابه فسوق ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام . } ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الخامس 2298 ( الصحيحة )
)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام ، يلتقيان فيقرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام "" . ـ صحيح الأدب المفرد 170 باب المتهجرين- 191 314/406 ) صحيح (
) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه} . ـ سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني 928 ( الصحيحة )
) قال تعالى:{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [الأنفال:74].
ما حكم الله على المستسلمين ؟! فأولئك { مأواهم جهنم وساءت جهنم مصيراً }
وقد توعد الله من قدر على الهجرة فلم يهاجر وحكم عليه :
قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) }[النساء]
كما قال تعالى:{ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } النحل:42،41].
لما كانت الهجرة من آثار الجهاد ناسب ذكر القاعدين عنها لضرورة ولغير ضرورة فذكر تعالى في هذه الآيات الهجرة وأحكامها فقال تعالى :
{ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } حيث تركوا الهجرة ومكثوا في دار الهوان يضطهدهم العدو ويمنعهم من دينهم ويحول بينهم وبين عبادة ربهم . هؤلاء الظالمون لأنفسهم تقول لهم الملائكة عند قبض أرواحهم { فيم كنتم } ؟ تسألهم هذا السؤال لأن أرواحهم مدساة مظلمة لأنها لم تزك على الصالحات ، فيقولون معتذرين : { كنا مستضعفين في الأرض } فلم نتمكن من تطهير أرواحنا بالإِيمان وصالح الأعمال ،
فترد عليهم الملائكة قولهم : { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } وتعبدوا ربكم؟ ثم يعلن الله تعالى عن الحكم فيهم بقوله ، فأولئك البعداء { مأواهم جهنم } وساءت جهنم مصيراً يصيرون إليه ومأوى ينزلون فيه . ثم استثنى تعالى أصحاب الأعذار كما استثناهم في القعود عن الجهاد في الآيات قبل هذه فقال عز من قائل : { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } ، واستضعاف الرجال يكون بالعلل والنساء والولدان بالضعف الملازم لهم ، هؤلاء الذين لا يستطيعون حيلة أي لا قدرة لهم على التحول والإِنتقال لضعفهم ، { ولا يهتدون سبيلاً } إلى دار الهجرة لعدم خبرتهم بالدروب والمسالك فطمعهم تعالى ورجاهم بقوله : { فأولئك } المذكورون { عسى الله أن يعفوا عنهم } فلا يؤاخذهم ويغفر لهم بعض ما قصروا فيه ويرحمهم لضعفهم وكان الله غفوراً رحيماً .
هذ ما دلت عليه الآيات الثلاث .
أما الآية الرابعة رقم( 100 ) فقد أخبر تعالى فيها أن من يهاجر في سبيله تعالى لا في سبيل دينا يصيبها أو امرأة يتزوجها يجد بإذن الله تعالى في الأرض مذهباً يذهب إليه وداراً ينزل بها ورزقاً واسعاً يراغم به عدوه الذي اضطهده حتى هاجر من بلاده ، فقال تعالى : { ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة } ثم أخبر تعالى أن من خرج مهاجراً في سبيل الله أي لأجل عبادته ونصره دنيه ثم مات في طريق هجرته وإن لم يصل إلى دار الهجرة فقد وجب أجره على الله تعالى وسيوفاه كاملاً غير منقوص ، ويغفر الله تعالى له ما كان من تقصير سابق ويرحمه فيدخله جنته . إذ قال تعالى : { ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ، ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً .
من هداية الآيات :
1- وجوب الهجرة عندما يحال بين المؤمنين وعبادة ربه تعالى إذ لم يخلق إلا لها .
2- ترك الهجرة كبيرة من كبائر الذنوب يستوجب صاحبها دخول النار .
3- أصحاب الأعذار كما سقط عنهم واجب الجهاد يسقط عنهم واجب الهجرة .
4- فضل الهجرة في سبيل الله تعالى
5- من مات في طريق هجرته أعطى أجر المهاجر كاملاً غير منقوص وهو الجنة .
المسلم الحق صمام أمان للإنسانية كلها ، فهو فى هجرة دائمة وفى سفر دائم إلى الله تعالى فى سلوكه وأحواله وأقواله وأفعاله، فالمسلم يفر من عاداته وأفعاله الرديئة، مشغول بتهذيب قلبه وترويض نفسه على الطاعة، ولذا قال الحبيب المصطفى: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه» وقال تعالى: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا». عندها يتذوق العبد حلاوة الطاعة وتغلب عليه أنوارها، وعندها تجذبه تلك الأنوار إلى مقام الإيمان.
وهم كما قال الحق فيهم :
«قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون»،
وقال تعالى: «ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله».
لا تحرم نفسك من الهجرة لتفرح بفضل الله ورحمته وتذوق حلاوة الطاعة وينير الله قلبك بالايمان ..
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى
محبكم فى الله
د.السيد شطا
00201065467336
https://elsaidshata.yoo7.com/
elsaid_shata@yahoo.com
مواضيع مماثلة
» وذكرهم بأيام الله [ شهر الله المحرم ]
» ما هى أعظم وأعجب محاكمة فى التاريخ ؟!!
» ماذا تكسب من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
» عبد الله بن أم مكتوم
» لا إله إلا الله منهج متكامل
» ما هى أعظم وأعجب محاكمة فى التاريخ ؟!!
» ماذا تكسب من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
» عبد الله بن أم مكتوم
» لا إله إلا الله منهج متكامل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى