الدكتور السيد شطا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حطبة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم النحر

اذهب الى الأسفل

حطبة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم النحر Empty حطبة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم النحر

مُساهمة  Admin الجمعة أكتوبر 03, 2014 2:54 pm

خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم النحر:

خطب عليه الصلاة والسلام خطبة عظيمة بليغة يوم النحر؛ كما جاء ذلك في أحاديث عدة منها:

1- حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة أثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، أيُّ شهر هذا؟» قلنا: "الله ورسوله أعلم"، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: «أليس ذا الحجة؟» قلنا: "بلى"، قال: «أيُّ بلد هذا؟» قلنا: "الله ورسوله أعلم"، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: «أليس البلدة؟» قلنا: "بلى"، قال: «فأي يوم هذا؟» قلنا: "الله ورسوله أعلم"، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: «أليس يوم النحر؟» قلنا: "بلى"، قال: «فإن دماءكم وأموالكم -قال محمد وأحسبه قال- وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلال يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه» وكان محمد إذا ذكره قال: صدق النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: «ألا هل بلغت ألا هل بلغت»}1

2- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا، أيُّ شهر تعلمونه أعظم حرمة؟» قالوا: "ألا، شهرنا هذا"، قال: «ألا، أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟» قالوا: "ألا بلدنا هذا"، قال: «ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟» قالوا: "ألا، يومنا هذا"، قال: «فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟» ثلاثاً، كل ذلك يجيبونه: "ألا، نعم"، قال: «ويحكم أو ويلكم، لا ترجعنَّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» }2

3- حديث جابررضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال: «أي يوم أعظم حرمة؟» فقالوا: "يومنا هذا"، قال: «فأي شهر أعظم حرمة؟» قالوا: "شهرنا هذا"، قال: «أي بلد أعظم حرمة؟» قالوا: "بلدنا هذا"، قال: «فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، هل بلغت؟» قالوا: "نعم"، قال: «اللهم أشهد»}3

4- حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع للناس: «أي يوم هذا؟» قالوا: "يوم الحج الأكبر"، قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ألا لا يجني جان على ولده ولا مولود على والده، ألا وإن الشيطان قد أيس من أن يُعبد في بلادكم هذه أبداً، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم، فسيرضى به» }4
وفي رواية: «ألا إن المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه» (هذه الرواية للترمذي وقال: حسن صحيح [3087]).

5- حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال: «اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم» }5 (5)(رواه الترمذي وقال: حسن صحيح [616] وأحمد [5-215] وصححه ابن حبان [4563]).

وباستعراض الأحاديث السابقة نجد أن هذه الخطبة العظيمة حوت من المعاني ما يلي:
1- تحريم الأشهر الحرم، وبيان عظمه يوم النحر، وحرمة مكة.
2- بيان أن الدماء والأموال والأعراض محرمة كما حرمت الأشهر الحرم ويوم النحر والبلد الحرام.
3- النهي عن الاختلاف والافتراق الذي ينشأ عنه التهارج والاقتتال.
4- بيان أن كل إنسان يؤخذ بذنبه، ويتحمل تبعات عمله، ولا يؤخذ غيره بذلك؛ خلافاً لما كان يفعله أهل الجاهلية من تحميل الأسرة أو القرابة أو القبيلة جريرة واحد من أفرادها.
5- التحذير من طاعة الشيطان فيما يُحتقر من الأعمال صغيرها وكبيرها.
6- التأكيد على الأخوة في الدين، وعدم استحلال المسلم لأخيه المسلم في نفسه أو ماله أو عرضه.
7- الوصية بالتقوى، والصلوات الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وطاعة ولاة الأمر، وبيان أن ثواب ذلك الجنة .
8- الأمر بحمل العلم وتبليغه لمن لم يحضره؛ فقد يكون أفقه ممن حضره.
9- سؤالهم هل بلغ رسالة ربه إليهم، وإشهاد الله - تعالى -على إقرارهم له بالبلاغ.

الشرح والمعاني (شرح هذه الأحاديث ومعانيها مأخوذ من: شرح النووي على مسلم [2-55-56] وفتح الباري لابن حجر [12-194] وتحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي [6-314- 315] وشرح الطيبي على المشكاة):

قوله: «يوم حرام» أي يحرم فيه القتال، وكذلك الشهر، وكذلك البلد.

قوله صلى الله عليه وسلم: «أي يوم هذا؟» سأل عنه وهو عالم به؛ لتكون الخطبة أوقع في قلوبهم وأثبت.

وقولهم: "الله ورسوله أعلم" هذا من حسن الأدب في الجواب للأكابر، والاعتراف بالجهل، ولعلهم قالوا ذلك لأنهم ظنوا أنه سيسميه بغير اسمه.

قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفاراً» قال القاضي عياض: "معناه بعد فراقي من موقفي هذا، وكان هذا يوم النحر بمنى في حجة الوداع، أو يكون: بعدي، أي: خلافي أي: لا تخلفوني في أنفسكم بغير الذي أمرتكم به، أو يكون تحقق صلى الله عليه وسلم أن هذا لا يكون في حياته فنهاهم عنه بعد مماته".

وجملة ما في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» من الأقوال ثمانية:
أحدها: قول الخوارج[ ] ، إنه على ظاهره.
ثانيها: هو في المستحلين.
ثالثها: المعنى كفاراً بحرمة الدماء، وحرمة المسلمين، وحقوق الدين.
رابعها: تفعلون فعل الكفار في قتل بعضهم بعضاً.
خامسها: لابسين السلاح، يقال: كفر درعه إذا لبس فوقها ثوباً.
سادسها: كفاراً بنعمة الله - تعالى -.
سابعها: المراد الزجر عن الفعل، وليس ظاهره مراداً.
ثامنها: لا يكفر بعضكم بعضاً كأن يقول أحد الفريقين للآخر: يا كافر، فيكفر أحدهما.
ورجح النووي الرابع.

وقوله: "ثم رفع رأسه"، زاد الإسماعيلي من هذا الوجه: "إلى السماء". قال ابن عباس رضي الله عنهما: "فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته يريد بذلك الكلام الأخير، وهو قوله صلى الله عليه وسلم «فليبلغ الشاهد الغائب» إلى آخر الحديث.

فائدة:
قال ابن بطال رحمه الله تعالى: "في الحديث من الفوائد أن الإنصات للعلماء لازم للمتعلمين؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء... وذلك أن الخطبة المذكورة كانت في حجة الوداع، والجمع كثير جداً، وكان اجتماعهم لرمي الجمار وغير ذلك من أمور الحج وقد قال لهم: «خذوا عني مناسككم».

فلما خطبهم ليعلمهم ناسب أن يأمرهم بالإنصات، وقد وقع التفريق بين الإنصات والاستماع في قوله تعالى:
{وَإِذَا قُرِ‌ئَ الْقُرْ‌آنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْ‌حَمُونَ (204)} سورة الأعراف
ومعناهما مختلف؛ فالإنصات هو السكوت وهو يحصل ممن يستمع وممن لا يستمع كأن يكون مفكراً في أمر آخر، وكذلك الاستماع قد يكون مع السكوت، وقد يكون مع النطق بكلام آخر لا يشتغل الناطق به عن فهم ما يقول الذي يستمع منه.

قال سفيان الثوري: "أول العلم الاستماع ثم الإنصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر".
وعن الأصمعي تقديم الإنصات على الاستماع.
وعن مطرف قال: "الإنصات من العينين"، فقال له ابن عيينة: "وما ندري كيف ذلك؟" قال: "إذا حدثت رجلاً فلم ينظر إليك لم يكن منصتاً" وهذا محمول على الغالب والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يجني جان إلا على نفسه» ألا للتنبيه، والجناية الذنب والجرم، وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا[ ] والآخرة. والمعنى: أن الإنسان لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهما جناية لا يعاقب بها الآخر كقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ‌ وَازِرَ‌ةٌ وِزْرَ‌ أُخْرَ‌ىٰ (18)} سورةفاطر .

قوله: «لا يجني جان على ولده ولا مولود على والده» يحتمل أن يكون المراد النهي عن الجناية عليه؛ لاختصاصها بمزيد قبح، وأن يكون المراد تأكيد "لا يجني جان إلا على نفسه"، فإن عادة أهل الجاهلية جرت بأنهم يأخذون أقارب الشخص بجنايته، والحاصل أن هذا ظلم يؤدي إلى ظلم آخر.

والأظهر: أن هذا نفي فيوافق قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ‌ وَازِرَ‌ةٌ وِزْرَ‌ أُخْرَ‌ىٰ} [فاطر:18]، وإنما خص الولد والوالد لأنهما أقرب الأقارب، فإذا لم يؤاخذا بفعله فغيرهما أولى، وفي رواية: «لا يؤخذ الرجل بجريمة أبيه».

قوله: «ألا وإن الشيطان» وهو: إبليس الرئيس، أو الجنس الخسيس «قد أيس أن يعبد» قال القارئ: "أي: من أن يطاع في عبادة غير الله تعالى؛ لأنه لم يعرف أنه عبده أحد من الكفار".

وقيل: معناه: إن الشيطان أيس أن يعود أحد من المؤمنين إلى عبادة الصنم، ولا يرد على هذا مثل أصحاب مسيلمة، ومانعي الزكاة، وغيرهم ممن ارتد؛ لأنهم لم يعبدوا الصنم. ويحتمل معنى آخر: وهو أنه أشار عليه الصلاة والسلام إلى أن المصلين من أمته لا يجمعون بين الصلاة، وعبادة الشيطان؛ كما فعلته اليهود[ ] والنصارى.

ولك أن تقول: معنى الحديث: إن الشيطان أيس من أن يتبدل دين الإسلام، ويظهر الإشراك، ويستمر، ويصير الأمر كما كان من قبل، ولا ينافيه ارتداد من ارتد، بل لو عبدت الأصنام أيضاً لم يضر في المقصود، ولكن ستكون للشيطان طاعة فيما تحقرون من أعمالكم التي هي دون الكفر من القتل والنهب ونحوهما من الكبائر، وتحقير الصغائر، فسيرضى بالمحتقر؛ حيث لم يحصل له الذنب الأكبر؛ ولهذا ترى المعاصي من الكذب والخيانة ونحوهما توجد كثيراً في المسلمين، وقليلاً في الكافرين؛ لأنه قد رضي من الكفار بالكفر، فلا يوسوس لهم في الجزئيات، وحيث لا يقدر على المسلمين بالكفر فيرميهم في المعاصي.

قال الطيبي رحمه الله تعالى: قوله: «فيما تحتقرون» أي: مما يتهجس في خواطركم، وتتفوهون عن هناتكم، وصغائر ذنوبكم، فيؤدي ذلك إلى هيج الفتن والحروب، كقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قد يئس من أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» (رواه مسلم [5812] والترمذي [1937] وأحمد [3-313] من حديث جابر رضي الله عنه، وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد [2-368] وعن ابن مسعود رضي الله عنه عند الحاكم [2-32]).


التصنيف: ملفات الحج وعيد الأضحي
المصدر: موقع المختار الإسلامي
تاريخ النشر: 9 ذو الحجة 1434 (14‏/10‏/2013)
---------------------------
(1) (رواه البخاري [5230] ومسلم [1679]).
(2) (رواه البخاري [5230] ومسلم [1679]).
(3) (رواه أحمد [3-371]).
(4)(رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح [2159-3087] وابن ماجه [1851] وأحمد [3-426]).




Admin
Admin

المساهمات : 281
تاريخ التسجيل : 08/11/2010

https://elsaidshata.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى