قذائف الحق [ باقى الباب الثامن ..]
صفحة 1 من اصل 1
قذائف الحق [ باقى الباب الثامن ..]
قذائف الحق
محمد الغزالى
فهرس الكتاب
الباب الثامن
ـ لا دين حيث لا حرية ـ يا للرجال بلا دين ـ مشهورون ومجهولون ـ التنادى بالجهاد المقدس ـ دين زاحف رغم كل العوائق
ـ قال الإنسان وقال الحيوان ـ حول خرافة تحديد النسل ـ محنة الضمير الدينى هناك ـ هذه المقررات لا نريد أن تنسى
ـ أسئلة وأجوبة
وفى ملاقاة هذا العدوان تقرأ لكاتب روايات مصرى إنه مسرور من الجيل الحاضر لأنه يحسن الرقص والغناء !
قبحك الله من كاتب مكفوف البصيرة !
وفى هذا الاتجاه الضرير ينشر كاتب آخر مقالات مسهبة عن " الشخصية المصرية " يمهد فيها طريق الشهوة ويرسم لها الأهداف الوضيعة .
وتستغرب وأنت تقرأ فى صحيفة الأهرام مقالاته، فى أى عصر يعيش هذا الكاتب، ولأى جيل يكتب ؟
نعم لقد ذهب " توفيق الحكيم " إلى باريس لا ليسأل : كيف دخل الفرنسيون النادى الذرى ؟ ولا ليبحث كيف يحاول جواسيس الصهيونية سرقة أسرار طائرات " الميراج " ؟ ولا ليحقق كيف أقامت فرنسا قوة ثالثة تريد أن تضارع جبابرة الأرض ؟ لا .. إن شيئاً من ذلك لا يعنيه .
إنه ذهب ليزيد القراء العرب فهماً فى الأمور الجنسية، وليمد حريق الشهوات بوقود جديد يأتى على الأخضر واليابس ..
ذكر لنا الكاتب الجاد الناضج كيف أن زوجين لم يحسنا الوقاع ! وكيف أن طبيباً عالجهما حتى أحسناه ! وكيف شاهد مع الجمهور الفرنسى على " شاشة المسرح " : التطبيق العملى من الزوجين لما سمعاه وعرفاه من الطبيب، فظهرا عاريين يمارسان هذه العلاقة فى أتم وأكمل وجوهها " !
ويمضى كاتب الأهرام الوقور فى عرض ما راقه من صور فرنسية فيقول : " صادقت فى الحى " سينما " أخرى تعرض قصة عنوانها " الزواج الجماعى " .. جماعة من الأزواج الشباب اتفقوا بينهم على أن يعيشوا فى حياة مشتركة وأن يتقاسموا بينهم كل شىء وأن يناموا فى حجرة واحدة، ونساؤهم مشاع لمن شاء منهم، للزوج أن يعاشر من تروق له من زوجات زملائه، وللزوجة أن تختار ما تريد من أزواج زميلاتها، كل ذلك بالرضا التام من الجميع، وكأن الأمر رغيف خبز تتناوله الأيدى والأفواه .. ثم شاهدنا هذه العلاقات الجنسية تتم أمامنا بكل تفصيلاتها التى تخدش الحياء .. " الخ .
ونترك صورة هذا القطيع من الفتيات والفتيان المتصالح على الزنا الجماعى أو على الفسوق القذر .. لنترك هذا القطيع فى جوه المنتن لنقرأ كاتب الأهرام الفيلسوف "!" وهو يقرر رأيه فى هذا الموضوع .. قال " جعلت أفكر فى الأمر مستعرضاً ما سبق من حضارات كبرى فوجدت بعض التشابه . إن سمة الحضارة فى كل عصر هى البحث عن الحقيقة، ولا حياء فى البحث عن الحقيقة، خصوصاً ما يتعلق بالإنسان وأسباب وجوده المادى والروحى، فكانت حضارة مصر القديمة والهند ترسم وتنحت فى المعابد بعض الأعضاء التناسلية رمزاً للحياة .. بل إن كتب الأدب العربى القديم لأمثال الجاحظ وابن عبد ربه كانت تتحدث عن الجنس كما تتحدث عن الطعام، وأكثر هذه الكتب لا يخلو من باب للطعام وباب للباه، وما كان أحد وقتئذ يرى فى ذلك بأساً ولا حرجاً، ولكن يظهر أنه عندما تأخذ الحضارات فى الانحطاط تكثر المحظورات، وتسدل البراقع على كثير من الموضوعات، إلى أن تمتد إلى روح المعرفة وعادة البحث فتصيبها بالشلل وبهذا يقتل العلم وتخسر الحضارة " .
هذا هو فكر كاتب الأهرام الكبير ودرسه لتاريخ الحضارات السابقة واللاحقة ..
وظاهر من أسلوب الكاتب أنه لا يدرى شيئاً عن قضايا الحلال والحرام، ولا عن شرائع السماء فى السلوك الخاص والعام، ولا عن الطور العصيب الذى يمر به تاريخ العرب، بل سنرى أنه لا يدرى عن تاريخ الحضارات البشرية إلا هذه الأجزاء المبتورة عن التماثيل المقامة لأعضاء التناسل، واقتران الطعام بالباه فى كتب الأدب العربى القديم !!
ومع هذا التطور المزرى فهو كاتب كبير يملك حق التوجيه للأجيال الجديدة من أعلى المنابر .
إن علماء الدين ما نادوا فى بلادنا يوماً ما بكبت الغريزة الجنسية، ونحن نقدس فطرة الله التى فطر الناس عليها، ونحترم رغبة الذكر والأنثى فى لقاء مقنع مشبع، وسبيل ذلك الزواج فحسب ..
أما تيسير الزنا وتكثير أسبابه وتمهيد سبله وقبول نتائجه فهو ارتكاس إنسانى يصحب الأمم عندما تبدأ شمسها فى الغروب .
وتاريخ الأمة العربية والإسلامية معروف بأنه لم يعترف بالرهبانية كما لم يعترف بتبرج الجاهلية واستباحة الأعراض على نطاق ضيق أو واسع، فوصف الزنا العام بأنه زواج جماعى كلام قذر، وأى تمهيد لقبوله ـ كما ألمح الكاتب ـ مردود فى وجه صاحبه .
ثم إن العرب خلال هذا القرن قد حاقت بهم رزايا متلاحقة ثم استطاع عدوهم أن يضع أصابعه على مقاتلهم، وها هو يشد قبضته على خناقهم ليوردهم الحتوف .
وصيحة العلم والإيمان التى ارتفعت بيننا الآن هى أمل الحياة، فلحساب من تغرى أفواج الشباب بالانحلال والتردى، ويحددها كاتب مسلوخ عن الإيمان والعقل لتنسى ربها وشرفها ويومها وغدها !
نحن نعلم أن أوربا ارتقت فى العصور الأخيرة ارتقاءً بعيد المدى، لكنه من أكذب الكذب أن يجىء بعض الكتاب المصريين ليزعموا أن سبب ارتقائها هو انسلاخها عن مناهج الفطرة ومقتضيات الأدب .
إن أسباب النهوض شىء ومظاهر الانحلال شىء آخر، ولكى نعرف تفاهة كتابنا وانحدارهم الذهنى والنفسى ننقل إليك ما كتبه المؤرخ الإنجليزى الكبير " أرنولد توينبى " لتدرك منه حقيقة ما يتعرض له الكيان الأوربى من أخطار .
إن الأمراض التى يتعرض لها هذا الكيان المهتز هى هى " الخصائص البراقة " التى يريد نقلها إلى بلادنا كتاب تائهون مثل توفيق الحكيم وغيره من ذوى الأسماء والمناصب !
قال توينبى [ نشر المقال بالإنجليزية مجلة الإسلام الباكستانية، وترجمته إلى العربية مجلة رسالة الإسلام العراقية التى تصدر عن كلية أصول الدين ببغداد، والمقال طويل نقلنا منه نبذاً ] تحت عنوان درس من التاريخ للإنسان المعاصر :
" لقد فشلت جميع جهودنا لحل مشكلاتنا بوسائل مادية بحتة، وأصبحت مشروعاتنا الجريئة موضع سخرية ! إننا ندعى أننا خطونا خطوات كبيرة فى استخدام الآلات، وتوفير الأيدى العاملة، ولكن إحدى النتائج الغريبة لهذا التقدم تحميل المرأة فوق طاقتها من العمل، وهذا ما لم نشهده من قبل، فالزوجات فى أمريكا لا يستطعن أن ينصرفن إلى أعمال البيت كما يجب ..
" إن امرأة اليوم لها عملان : العمل الأول من حيث هى أم وزوجة، والثانى من حيث هى عاملة فى الإدارات والمصانع، وقد كانت المرأة الإنجليزية تقوم بهذا العمل الثنائى فلم نؤمل الخير من وراء عملها المرهق، إذ أثبت التاريخ أن عصور الانحطاط هى تلك العصور التى تركت فيها المرأة بيتها ..
" فى القرن الخامس قبل الميلاد حين وصلت اليونان إلى أوج حضارتها كانت المرأة منصرفة إلى عملها فى البيت، وبعد مجىء الإسكندر الكبير وسقوط دولة اليونان كانت هناك حركة تسوية شبيهة بالحركة التى نشهدها اليوم ! ..
" لقد نسوا الله ( والكلام لتوينبى ) حين وضعوا حلولاً لمعالجة الأمراض الاجتماعية انتهت بالأمم إلى علل مستعصية ومآس كبيرة ..
" إن عصر الآلة أوجد لنا نقصاً لم يسبق له مثيل، نقصاً فى المساكن مثلاً، وخلق لنا فترات متناوبة من البطالة، ونقصاً فى الأيدى العاملة " .
ويقول توينبى : " لقد مشى الإنسان قديماً فى الطريق الذى مشى فيه اليوم، ووضع القواعد نفسها لتنظيم السير والمرور، والفرق الوحيد أن الأوائل استخدموا عربات الخيل بدل السيارات، وأن مخالفة تعليمات المرور لم تكن مروعة ومميتة كما هى اليوم ..
" إن التقدم الفنى والصناعى ليس بحد ذاته دليل الحكمة أو ضمان البقاء، وإن الحضارات التى انبهرت وقنعت بمهارتها الآلية إنما كانت تخطو خطوة نحو الانتحار ! ..
" إن أحد مصادر الخطر على عصرنا الحاضر هو أننا تربينا على عبادة الوطن وعبادة الراية وعبادة التاريخ الماضى ـ العنصرى ـ ويجب على الإنسان أن يعبد الله وحده وأن يتمسك بالقانون الإلهى فى تكامل الفرد والمجتمع، وإن فشلنا لمحتم عندما نحيد عنه " هكذا يقول توينبى .
ومن عباراته فى هذا المقال : " لقد أقنعتنى دراستى لإحدى وعشرين حضارة أن الثقافة الخلاقة هى فقط الثقافة الصحيحة، تلك التى تتمكن من حل المشكلات المستجدة فى الظروف المختلفة ..
" إن التقدم العلمى الحديث قد حل مشكلاتنا الصناعية بجدارة ..
" ولكن مشكلات العصر ليست من ذلك النوع الذى يحل فى المختبرات، إنها مشكلات معنوية، ولا علاقة للعلم بالقضايا المعنوية " .
يعنى : أن الأمر فى هذه الأحوال لمنطق الإيمان، ولذلك يقول :
" قد يبدو هذا غريباً ولكن المدنيات الكبيرة بلغت نضجها وضمنت تكاملها بالتغيير الروحى " !
نقول : إن المؤرخ الأوربى الغيور على حضارته يلمح أسباب اعتلالها ويصف الدواء بحذق، أما الصحافى المصرى فهو يذهب إلى مسرح عابث فيصفه بإعجاب، ويتذكر أن مصر والهند كانتا قديماً تقيم التماثيل لأعضاء التناسل !!
أى فكر هذا ؟ وكيف تتداعى المعانى المثيرة على هذا النحو فى ذهن أديب لتنشرها صحيفة كبرى ؟
ومتى ؟ فى أيام استعداد العرب لجولة أخرى مع بنى إسرائيل يحررون بها أرضهم ويدركون ثأرهم !
ما ننتظر غير هذا من أقلام شبت على العبث وشاخت فيه .. بيد أننا نلفت الشباب المسلم إلى حقائق قد تغيب عن ذهنه فى غمرة الأحداث .
إن أعيننا ترمق قوماً يكرهون الإسلام من أعماق قلوبهم ويتحينون الفرص للتنفيس عن ضغنهم بوسيلة أو أخرى .
وهؤلاء يغضبون عندما ننتسب ـ مجرد انتساب ـ إلى الإسلام ولا يتحركون أية حركة إذا تعصب المتعصبون لأية نحلة أخرى على ظهر الأرض .
على الشباب المسلم أن يرمق هؤلاء بحذر وأن يدرك ما فى خباياهم من سواد ..
فى يوم ما جاء إلى صحن الأزهر وفد يجمع بين جان بول سارتر وسيمون دى بوفوار ولويس عوض وتوفيق الحكيم وآخرين لا أذكرهم ..
كان فيلسوف الوجودية وعشيقته مدعوين لزيارة القاهرة وإلقاء محاضرات بها ..
من الذى استقدم إلى عاصمة العروبة والإسلام هذا الفرنسى الكفور ليلقى فيها بذور انحلاله ؟!
لا يهم أن نعرف الأشخاص، وإنما المهم أن نحذر النيات المبيتة وأن نتقى التوجيهات المسمومة وأن نتبين الدائرة الواسعة التى يعمل فيها عدونا، لهدم عقائدنا ودك حصوننا فإن هؤلاء الأعداء كثيرون " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم " .
حول خرافة تحديد النسل
قرأت مقالاً عن " الانفجار السكانى وإمكانات التحكم " نشرته صحيفة الأهرام يوم الجمعة 2 / 1 / 1970 ولا أكون مغالياً إذا وصفت هذا المقال بأنه صائب الفكرة عميق النظرة مملوء بالحقائق الجديرة بالاحترام .
ولقد لفت عدداً من الدعاة المسلمين وعلماء الدين إلى هذا المقال لأنه يصور فى نظرى عودة أفكار سبق أن كتبتها ووقفت عندها، ورأى جمهور المسلمين أنها التعبير الحق عن أحكام دينهم ونهج حياتهم، وإن كان البعض قد مارى فيها مراء يعلم الله بواعثه !
والكاتب بعد مقدمات جيدة حول مشكلة النسل يقول :
إن تفسير الزيادة السكانية بغير التخلف الاقتصادى، أو رد هذه الزيادة إلى عوامل أخرى .
مثل غلبة الغريزة الجنسية،
أو وجود الأديان المحبذة للتناسل،
أو عدم المبالاة بالرقى ..
يدخل فى باب التضليل العلمى !
وقد استخلص هذه النتيجة الصادقة من جملة ملاحظات علمية واجتماعية جديرة بالتأييد الحار .
ويعجبنى أنه استهجن صيحات التشاؤم المفتعلة التى تخصص فى إرسالها بين الحين والحين نفر من مقلدى الأساليب الأمريكانية فى الإحصاء الجزئى والحكم العام، وهى أساليب تخدم سياسة معينة من البيانات والبلاغات التى يتبرع بها نفر من نجوم الرأى الأمريكيين يزعمون فيها أن العالم قد بلغ فى مسيرته نحو كارثة " اللاعودة " .
بسبب الزيادة المفرطة فى سكانه، تلك الزيادة التى نشأت من أن أقطار العالم الثالث ـ الذى يضم عشرات من الدول النامية أو بتعبير آخر عشرات من الدول المتخلفة ـ لم تكبح جماح شهواتها الجنسية، ولم تستجب لدعوة المندوب الأمريكى إلى " تخطيط " أو تحديد النسل الذى رأى سيادته أنه الطريق الوحيد لحسم المشكلة السكانية ..
بل لم يستح نفر من قادة الرأى فى الولايات المتحدة أن ينادوا جهراً بضرورة استخدام القسر فى الحد من هذا التفوق العددى للمراتب السفلى من البشر (!) بالقدر الذى يمنع دفع المراتب الأعلى إلى الخلف !
ولما كانت نسبة الأولاد تكاد تكون ثابتة من عشرات السنين فإن الزيادة المحذورة نشأت للأسف من قلة الوفيات بسبب ارتفاع المستوى الصحى فى أرجاء العالم .
والحل ؟
إنه عند أرباب الثقافة الغربية الرفيعة عدم مقاومة العلل بين شعوب لا تجد الأكل، وترك الأمراض تفتك بهذه الأجيال الوافدة فإن إقحام طوفان من الأطفال الجياع على اقتصاد مضطرب يهدد بكارثة !
لكن كيف يوصف هذا التصرف ؟
إنه تصرف " إنسانى " عادى (!) لأنه يساعد الطبيعة على انتخاب الأصلح وإبقاء الأقوى !
بل إن هذا التصرف يتفق مع أرقى ثمرات الفكر الإنسانى، ألم يقل أفلاطون فى جمهوريته الفاضلة أنه يجب قتل كل طفل يزيد عن العدد الضرورى ؟ ونحن قد وصلنا بالفعل إلى ما يزيد عن العدد الضرورى .
ويستتبع الفكر الغربى أحكامه على الأمور، فيقول الدكتور " هوايت ستيفنز " أحد خبراء علم الاجتماع : إن يوم القيامة سيوافق 13 / 11 / 2026 لأن المجاعة العالمية فى هذا اليوم ستقضى على الجميع، هكذا يقول الدكتور الألمعى بعد حساب وفق قواعد علم الاجتماع لا قواعد علم التنجيم !
وبناء على هذا الهوس الإحصائى يدعو الأمريكيون إلى التعقيم الإجبارى وإلى فرض نظام صارم لتحديد النسل، وإلى دعوة الأمم المتحدة إلى إجراء ما كى ينخفض عدد الأولاد بين العرب والزنوج والهنود وأشباههم وهم سواد العالم الثالث .
ويلاحظ الأستاذ كمال السيد ـ كاتب المقال ـ أموراً ذات بال منها أن الولايات المتحدة تنفق 70 ألف مليون دولار على معدات القتال وأن شركاتها المحتكرة تعامل شعوب العالم الثالث بنهم مستغرب لا مكان معه للرحمة بهؤلاء الجياع المساكين .
ويقول " وهناك صيغة شائعة فى أمريكا الجنوبية فحواها " :
أن خمسة من سكانها يموتون جوعاً كل دقيقة فى حين أن الشركات الأمريكية العاملة بها تكسب خمسة آلاف دولار كل دقيقة أى ألف دولار من كل ميت .. !
ومع شعورنا بأن الكاتب يسارى النزعة إلا أننا نعرف أن المساعدات الأمريكية مغشوشة النية سيئة الهدف فقد توزع على الأطفال مقادير من الألبان والجبن، ولكنها تفرض على بيئتهم قيود الفقر الأبدى إلى هذا النوع من المساعدات .
وبرامج النقطة الرابعة توزع المواد الاستهلاكية وحسب على الأمم المتخلفة وتمتنع امتناعاً غريباً عن تصنيع البيئة وإعانتها على أن تخدم نفسها بنفسها، وتستغل مواردها الوطنية بقدراتها الخاصة !
كأن شعوب هذا العالم الثالث ـ كما تسمى ـ ينبغى أن تظل مشلولة المواهب مكشوفة العجز، لا تستطيع الانتفاع بما لديها من خبرات .
وعليها ـ بعد ـ أن تسمع الحكم بأن التعقيم الإجبارى واجب، وأن تحديد النسل فريضة وإلا قامت القيامة بعد كذا من السنين !
ويتلقى هذا الكلام بعض قصار العقل فيطيرون به هنا وهناك ينذروننا بالويل والثبور وعظائم الأمور فإذا حاولنا التفاهم معهم قالوا : إنكم رجعيون تائهون عن مقررات علم الاجتماع، وأخطار يوم القيامة الذى سيجىء حتماً من زيادة السكان !
ولنتناول الآن صميم المشكلة . هل حقاً أن بلاد العالم الثالث لا تكفى حاجات أهلها وبالتالى لا تتسع لمزيد من الأفواه التى تطلب القوت والأجساد التى تطلب الكسوة ؟
تلك هى الأكذوبة الكبرى التى يضخم الاستعمار صداها ويزعج الدنيا طنينها !
إن أقطار العالم الثالث مشحونة بخيرات تكفى أضعاف سكانه، بيد أن هذه الخيرات تتطلب العقول البصيرة والأيدى القديرة .
ولو رزقت هذه الأقطار المنكودة إنسانية نزيهة تستهدف إيقاظ الملكات الغافية والحواس المخدرة، وتطارد الخمول والوهن وتجند القدرات والخيرات، وتمنع التظالم والترف، وتضرب سياجاً منيعاً حول مصالح الشعوب يرد عنها غوائل الاستعمار بجميع أنواعه لكانت هذه الشعوب تحيا فى رغد من العيش تحسدها أقطار الغرب عليه ..
ليست المشكلة اقتصادية كما يزعم الخبثاء من المستعمرين، ومقلدوهم من الصياحين الذين يهرفون بما لا يعرفون .
الفقر فقر أخلاق ومواهب لا فقر أرزاق وإمكانيات !
ـ لماذا يكون المولود القادم أكالاً لا شغالاً، مستهلكاً لا منتجاً، عبئاً على الحياة لا عوناً على الحياة ؟
ـ لماذا تهون الإنسانية فى شأن هذه الأجيال الوافدة فيكون وجوده مبعث قلق لا مثال استبشار .
إن الجهود المادية والمعنوية التى يبذلها المتشائمون لقتل هذه الأنفس أو للحيلولة دون وجودها لو بذلت فى تصحيح الأخطاء الاجتماعية وتقويم الانحرافات العقلية لكانت أقرب إلى الرشد وأدنى إلى الغاية !
ولكن الاستعمار الأنانى الشره يريد التهام كل شىء لنفسه وحده، بل الأنكى من ذلك أنه يعترض طريق كل نهضة تصحح الأوضاع كى تبقى الأمور كما هى ويبقى منطقه السقيم فى علاج الأمور .
على أن تخلف العالم الثالث ليس علة أزلية ولا أبدية فقد كان الأوربيون والأمريكيون أسوأ حالاً منذ قرون تعد على الأصابع، وكانت الخرافة تفتك بعقولهم فتك الأدران والعلل بأجسامهم، فإذا صعدوا فى سلم الترقى وهبط غيرهم بعد رفعة أو بدأ لأول مرة يخطو على درب المدنية فلا معنى للاحتيال عليه والتشفى منه .
" كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم "
والأمر لا يستدعى أكثر من تغيير الظروف المؤثرة فى أحوال المجتمعات فهناك مكان ينبت العز ـ كما يقول المتنبى ـ ومكان ينبت الذل . وهناك آخر يوقظ العقل أو ينيمه .
والمعتوهون الذين يصرخون جزعين : قفوا نسل الأرانب حتى لا تقول الساعة، أو حتى ترقى الأمة .. لا يعلمون أن العالم الثالث لن يرقى ولو فقد تسعة أعشار عدده ما بقيت ظروف النفسية والفكرية جامدة على أوضاعها الحالية .
ونعود مع كاتب الأهرام لنبصر الواقع حيث يقول :
" إن موارد العالم خصوصاً موارد البلاد المتخلفة ما زالت تفوق كثيراً زيادة أعداد السكان، فالفائض الاقتصادى المحتمل يمكن تحويله إلى ضروب من النشاط المنتج بدلاً من أن يذهب إلى جيوب المرابين والوسطاء وملاك الأرض أو يتبدد فى وجوه السرف المختلفة ..
" وهذا الفائض هو ما يعرفه الاقتصاديون بأنه الفرق بين الإنتاج فى ظروفه الطبيعية وبين ما يعد استهلاكاً ضرورياً للجماعة المنتجة، ويقدر هذا الفرق بنحو 20 % من الإنتاج القومى، وهو يكفل عند استثماره زيادة سنوية فى الدخل تبلغ 8 %، وهذه الزيادة تكفى بل تفيض عن متطلبات الزيادة السكانية " .
الفقر الواقع أو المتوقع لا يعود إذن إلى علل طبيعية بل إلى سوء تصرف واضطراب إدارة، أو كما يقول الاقتصادى الأمريكى المشهور " بول باران " : " إننا يجب أن ندق ناقوس الخطر لا لأن القوانين الأبدية فى الطبيعة قد جعلت من المستحيل إطعام سكان الأرض بل لأن النظام الاقتصادى الاستعمارى يحكم على جموع كثيفة من الناس ـ لم يسمع بضخامتها من قبل ـ أن تعيش فى كنف الفاقة والتدهور والموت قبل الأوان " !
ثم أنهى الكاتب كلمته قائلاً : " إنه لا حل لمشكلات التخلف ومن بينها ضغط السكان على الموارد إلا بتنمية بلدان العالم الثالث لثرواتها، ومضاعفة اعتمادها على نفسها .. ثم على القدر الميسور من المعونات الأجنبية المنزهة ".
لقد قررت هذه الأحكام تقريباً فى كتابى " من هنا نعلم " المطبوع من ربع قرن، ولذلك فقد انشرح صدرى عندما قرأت هذه الأيام ما يزيد الحق وضوحاً ..
وما يبدد ضباباً كثيراً نشره فى أفق الحياة العامة أقوام قصار الباع طوال الألسنة، وإنى ـ إذ أؤكد المعانى
الآنفة ـ أوجه كلمة إلى نفر من المتحدثين باسم الإسلام أساءوا إلى حقائقه مراراً وهزموه فى مواطن كثيرة ..
إن الإسلام ليس هو بالدين المحلى لأهل الوجهين البحرى والقبلى، إنه دين القارات الخمس ! وداره الرحبة الخصبة تمزج بين أجناس كل هذه القارات فى أخوة جامعة لا تعرف الحدود الضيقة المفتعلة التى صنعها الاستعمار فكيف يعالجون مشكلة السكان وهم لا يدركون هذا الأساس المبين ؟
ثم إن هذا الدين يتعرض لحرب إبادة فى هذه الأيام من تحالف الصهيونية والاستعمار، فكيف تصدر الأوامر من رؤساء الأديان بتكثير الأتباع، ومباركة النسل، ويفتون هم بالتعقيم والتقليل ؟
إننى لا أدرى علة هذا الزيع ؟ أهى قلة العلم أم ليونة الضمير ؟
وتحذير آخر إلى هؤلاء : إن أحدهم يقع على الكلمة منسوبة إلى عمرو بن العاص أو غيره من الرجال فيطير بها غير آبه بقيمة سندها ولا مكترث بأنها ملتقطة من كتب تجمع الجد والهزل والخطأ والصواب ..
ولو فرضنا جدلاً نسبتها إلى عمرو، فما كلام عمرو بالنسبة إلى كلام الله ورسوله ؟
أرجو بعد كلمة الأهرام التى لخصتها فى مقالى أن تنتهى هذه المأساة ..
محنة الضمير الدينى هناك !
هذه سياحة سريعة داخل أقطار الفكر الدينى الغربى . ستفجؤنا أحكام ينقصها السداد، ومؤامرات يحبكها القدر، وضغائن لا تزال عميقة على طول العهد وامتداد الزمان !
ومن حقنا نحن المسلمين ـ وقد لفحتنا حرب بقاء أو فناء ـ أن ندرس الجبهة التى مسنا عدوانها وأن نزن ببصر حديد طبيعة العواطف الدينية التى تكمن أو تبرز خلف أحداث لا تبدو لها نهاية قريبة !
ولنبدأ بمقال نشرته مجلة كاثوليكية تطوعت بإسداء نصائحها الغالية لإسرائيل، وليست هذه النصائح الغالية أن يعترف اليهود بحق العرب وأن يعودوا من حيث جاءوا تاركين البلاد لأصحابها .. لا !
إن الضمير الدينى عند الصحيفة المتدينة جعلها تسدى نصحاً من لون آخر، لقد قالت لليهود :
" إننا احتللنا فلسطين قبلكم، وبقينا فيها سنين عدداً، ثم استطاع المسلمون إخراجنا وتهديم المملكة التى أقمناها ببيت المقدس، وذلك لأغلاط ارتكبناها، وها نحن أولاء نشرح لكم تلك الأغلاط القديمة حتى لا تقعوا فيها
مثلنا ! ..
" استفيدوا من التجربة الفاشلة كى تبقى لكم فلسطين أبداً ويشرد سكانها الأصلاء فلا يخامرهم أمل العودة !"
وشرعت الصحيفة التقية تشرح : لماذا انهزم الصليبيون الأقدمون وتوصى حكام " إسرائيل " بأمور ذات بال، وتحرضهم فى نذالة نادرة أن يوسعوا الرقعة التى احتلوها، وأن يستقدموا أفواجاً أكثر من يهود العالم، وأن يحكموا خطتهم فى ضرب العرب ومحو قراهم وإبادة خضرائهم، وبذلك يستقر ملك إسرائيل ويندحر الإسلام والمسلمون .
وهاك أيها القارئ عبارات المقال الذى نشرته مجلة " تايلت " الإنجليزية الكاثوليكية للكاتب ( ف . س اندرسون ) فى العدد الصادر فى 26 / 10 / 1957 .
يقول الكاتب المذكور " إن نظرة واحدة إلى خارطة حدود إسرائيل الحالية تعيد إلى الذاكرة للفور أوجه الشبه القوية بين تلك الحدود وحدود مملكة الصليبيين التى قامت عقب احتلال القدس 1099 م ..
" ونظراً إلى الأعمال العدائية بين إسرائيل وجيرانها نرى من المفيد أن نقارن بين الحالة العسكرية الراهنة وبين مثيلاتها فى أيام الصليبيين، ولعلنا نرى ما إذا كان سيتاح لإسرائيل خط أفضل مما كان للصليبيين القدامى أم سيلقون مصيرهم ؟ ..
" إن مملكة الصليبيين لم يكتب لها البقاء إلا أمداً قصيراً وقد مكثت ثمانية وثمانين عاماً فقط ثم استرد المسلمون القدس ! ..
" ومع أن المسيحيين نجحوا فى الاحتفاظ بقطاع صغير شرقى البحر المتوسط مدة مائة عام أخرى إلا أنهم فشلوا فى الدفاع عن عكا أخيراً وأخذوا يغادرون هذه البلاد تحت جنح الظلام عائدين إلى أوروبا ..
" إن سقوط تلك المملكة كان يعود إلى بضع نقائص ظاهرة فإذا أريد لإسرائيل أن تعيش مدة أطول فما عليها إلا أن تحتاط ضد هذه النقائص ..
" لقد دخل الصليبيون فلسطين فى ظروف ملائمة جداً لهم، تميزت بوقوع الفرقة بين المسلمين، وعجزهم عن إقامة جبهة مقاومة موحدة ! ..
" وهكذا استطاع المهاجمون أن يهزموا المسلمين بسهولة، دويلة بعد دويلة، وأن يمكنوا لأنفسهم فى الأقطار التى فتحوها غير أنه لم يمض وقت طويل حتى ظهر زعيم عسكرى مسلم استطاع أن يوحد المسلمين أمام خصومهم بسرعة، ثم حشد قواهم فى معركة حطين وأصاب الصليبيين بهزيمة ساحقة تقرر على اثرها مصير القدس، بل انحسر بعدها المد الصليبى جملة، ودخل صلاح الدين الأيوبى مدينة القدس التى عجز أعداؤه عن استبقائها أو استعادتها فتركوها يائسين " .
يقول الكاتب الكاثوليكى : " كان الصليبيون يستطيعون البقاء مدة أطول فى تلك البلاد لو لم يعانوا نقصاً شديداً متواصلاً فى الرجال، ولو أنهم وسعوا حدود مملكتهم وفق ما تمليه الضرورات العسكرية الماسة، لماذا لم تحتلوا دمشق ؟ لقد كان احتلال دمشق مفتاح مشكلتهم وضمان بقائهم ! وسيظل عدم تقديرهم لهذه الحقيقة
لغزاً لنا ؟ ..
" نعم إنهم بذلوا جهوداً واهية لاحتلال تلك المدينة بيد أن محاولاتهم كانت من الضعف بحيث كتب عليها بالفشل " .
وبدلاً من أن يتابعوا جهودهم لاحتلال دمشق اتجهوا جنوباً واحتلوا العقبة وشرعوا يوجهون حملاتهم إلى مصر، مع أن الإشراف على النيل هدف عسير التحقيق !!
وعندما أصبحت للمسلمين اليد العليا فى ذلك العهد استطاعوا إجلاء الصليبيين عن العقبة وعن سائر حصونهم فى الجنوب، إلا أن الكارثة الكبرى جاءت من الشرق، فإن معركة حطين وقعت بالقرب من طبرية عند الزاوية الشمالية الشرقية لمملكة الصليبيين ..
ولما كانت دمشق والأرض الممتدة بين الأردن والصحراء السورية ملكاً للمسلمين فقد استطاعوا أن يتحركوا بحرية على ثلاث جبهات حول المملكة الصليبية التى أضحت شبه محصورة .. وذلك ما أعجزها عن المقاومة !
يقول الكاتب الحزين لما أصاب أسلافه : " ولو أن الصليبيين اندفعوا قدماً وقطعوا الممر الذى يؤدى إلى الشرق من دمشق لاستطاعوا منع مرور الجيوش والقوات بين سورية ومصر، ولكانت حدودهم الشرقية المستندة إلى الصحراء أكثر أماناً، ولأمكنهم الانتفاع من أساطيلهم البحرية " .
ثم يستأنف الكاتب الحاقد كلامه فيقول : " لقد أقيمت إسرائيل فى وقت كان العرب فى الدول المجاورة عاجزين عن القيام بعمل موحد، ثم بقدر كبير من الجهد والشجاعة استطاع اليهود أن يبلغوا حدودهم الحالية، لكن هذه الحدود تطابق حدود المملكة القديمة للصليبيين، وقد عرفنا مآلها فما العمل ؟ " .
يقول الكاتب محرضاً اليهود على مزيد من العدوان : " مرة أخرى ما لم تتحرك إسرائيل فى الاندفاع نحو دمشق فستبقى للعرب تلك الحرية الخطرة فى تنقيل قواهم حول ثلاث جهات من إسرائيل، وفى ذلك ما فيه " .
ويستطرد : " قد يكون من العسير سياسياً أن تتحرك إسرائيل لغزو سوريا واحتلال دمشق لكن الاتجاهات السياسية السورية قد تساعد على تسويغ ذلك، وإن مثل هذه النزهة الحربية ( ! ) ستنطوى على فائدة دائمة لإسرائيل أعظم من الفائدة التى تجنيها من التغلغل فى صحراء سيناء " .
ويختم الكاتب " نصيحته " لأصدقائه اليهود فيقول : " إن إسرائيل لن تنقصها القوى البشرية فلديها جيش كبير بالإضافة إلى هجرة منظمة من جميع أنحاء العالم تمدها بكل ما تفتقر إليه من طاقات ويجب أن تظل قادرة على وضع جيش قوى فى الميدان يكون دائماً على أهبة الاستعداد " .
لو أن كاتب هذا الكلام يهودى قح ما استغرب المرء حرفاً منه !
إن وجه العجب فى هذا التوجيه المشوب بالود لإسرائيل والبغض للعرب والمسلمين أن الكاتب مسيحى ينشر أفكاره فى مجلة كاثوليكية .
وهو يفكر ويقارن ويقترح كأن القضاء على العروبة والإسلام جزء من عقله الباطن والظاهر، ثم هو لا يشعر بذرة من حياء فى إعلان سخائه . إن مشاعر البغضاء المضطرمة فى جوفه تغريه بالاسترسال والمجازفة دون أن تهيب، ويحزننا أن الكلام ليس إبداء لوجهة نظر خاصة، فإن الكاثوليك فى أرجاء الأرض انتهزوا فرصة الضعف التى يمر بها الإسلام كيما يحولوها إلى هزيمة طاحنة وفناء أخير .
والروح الذى أملى بكتابة هذا المقال هو نفسه الروح الذى كمن فى مقررات المجمع المسكونى الذى عقده بابا روما وصالح فيه اليهود، وأمر الكنائس بعده ألا تلعنهم فى صلواتها .
وهو الروح الذى جعل " البابا بولس " يزور القدس ويدخل الأرض المحتلة ويتعامل مع سلطات إسرائيل، وهو تصرف لم يفعله أى بابا من مئات السنين !
وللقارئ المسلم أن يسأل : أذلك موقف الكاثوليك وحدهم ! أم أن أصابع الاستعمار الغربى قد أفسدت التفكير الدينى لدى كثير من المفكرين الغربيين .
قرأت كتاباً وجيزاً للمؤلف المصرى المنصف الدكتور وليم سليمان وردت به هذه الحقائق نذكرها مع تعليق سريع لا بد من إيراده . قال : " فى ديسمبر سنة 1961 عقد مجلس الكنائس العالمى مؤتمره الثالث فى نيودلهى، وأصدر قراراً حدد فيه موقفه من اليهود جاء فيه : لا بد من تهيئة التعليم الدينى المسيحى وتقريبه للأذهان على وجه يبرئ اليهود من تبعات الأحداث التاريخية التى أدت لصلب المسيح إذ إن هذه التبعات تقع على
عاتق الإنسانية كلها ( ! ) ..
" وقد صرح الراعى البروتستانتى الأمريكى ل . ج . نبيت الأستاذ بمعهد اللاهوت بنيويورك قائلاً : إن الكنائس مسئولة بوجه خاص عن العداء للسامية فقد ظلت تعاليم المسيحية موجهة عدة قرون ضد اليهود وهو عداء يعد من مخلفات الأحقاد الدينية القديمة " .
نقول نحن : وما ذنب المسلمين فى هذا ؟ وهل عرب فلسطين يدفعون ثمن هذا الخطأ الكنسى من وطنهم وكرامتهم وحاضرهم ومستقبلهم ؟
ذلك ما يريده مجلس الكنائس العالمى الموقر ! فإن هذا المجلس عقد مؤتمراً فى بيروت وزار أعضاؤه مخيمات اللاجئين ثم قرر أنه ليس هناك حل دائم لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين إلى أن يبت فى القضية الخاصة بالخلاف بين العرب وإسرائيل .
" وقال المؤتمر " الطيب القلب " : إن ذلك سيشمل خطة عامة لتعويض اللاجئين سواء عادوا إلى وطنهم أم لم يعودوا وإن هناك صدقات سوف يأخذها أصحاب الأرض والمطرودين ! ..
" وفى سنة 1964 عقد مجلس الكنائس العالمى فصله الدراسى الثالث عشر " بجنيف " وافتتح الجلسة عميد الكلية اللاهوتية بجامعتها فقال لا فض فوه : حين تثور مشكلة اليهود فإن الكنيسة لا تستطيع أن تتجاهل ثقل مسئوليتها العظيمة عن آلامهم وضياعهم طول تاريخهم ولذلك فإن أول ما يصدر عنها نحوهم هو طلب المغفرة ..
" يجب على الكنيسة أن تطلب المغفرة من اليهود !! بهذه العبارة الضارعة الذليلة يفتتح مجلس الكنائس العالمى الجلسة التى يحدد فيها موقف من دولة إسرائيل .. " .
ونتساءل نحن مرة أخرى : أإذا أجرم غيرنا وجب علينا نحن القصاص ؟ " ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً " [ هود : 19 ] .
لقد فكرت فى هذا الأمر ملياً ! إن حقنا ليس غامضاً حتى يلتمس عذر لمستبيحه !
هل المال اليهودى من وراء هذه الذمم الخربة مهما كانت مناصبها الدينية ؟ ربما .
أم أن الضغائن العمياء على الإسلام وأمته سيرت الخطب والمقالات فى هذا المجال الفوضوى المكابر الوقح ؟ ربما .
لكن الدكتور وليم سليمان فى كتابه " الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية " يذكر لنا كلاماً آخر يستحق الدرس والتأمل .
إنه ينقل عن مؤرخ الإرساليات " ستيفن نيل " هذه العبارات من تقرير له : " لقد تيقن الرجل الغربى أن سجله الاستعمارى حافل بالعار وأصبح أقل ثقة مما كان فى وحدانية الإنجيل المسيحى ونهائيته، وفى حقه ـ أى حق الرجل الغربى ـ أن يفرض على ورثة الأديان العظيمة الأخرى شيئاً قد يثبت فى النهاية أنه ليس أكثر من خرافة غريبة a western myth ..
" وبدأ فى أوساط رجال اللاهوت هجوم صريح على الألوهية بكل مظاهرها فى المسيحية ! وانتشر تيار فكرى يجعل نقطة بدايته " موت الإله " (!) وينادى بمسيحية لا دين فيها (!) وينادى بهذه الأفكار " بنهوفر ويلتمان " والأسقف الإنجليزى " جون روبنسون " ..
[ انظر على سبيل المثال كتاب روبنسون Honest To God الذى طبع منه فى مارس سنة 1962 أربع طبعات وفى أبريل سنة 1962 طبعتان وفى كل من مايو ويوليو وسبتمبر من نفس العام طبعة وكانت الطبعة العاشرة فى سبتمبر سنة 1964، وقارب عدد النسخ المطبوعة مليون نسخة، وعلقت عليه مجلة " تايم " فى 25 ديسمبر سنة 1964 ونيوزويك فى أبريل سنة 1966 ومجلات أمريكية أخرى كثيرة !! ]
" ويخيل للمراقب من بعيد أن القوم يثورون على الإله لأنه تخلى عنهم وساعد أعداءهم " .
ويستطرد الدكتور وليم سليمان فيقول عن الغربيين : " الدين فى نظرهم لم تعد له قيمة فى ذاته، إنه شىء يمكن الاستفادة منه لتحقيق الأهداف الدنيوية التى ينشدها الغرب فى شتى أنحاء العالم " .
وخلاصة هذا الكلام أن المسيحية انتحرت فى أوربا، فأى تدين هذا الذى ينخلع ابتداء من الإيمان بالحى القيوم، ويعتبر التعامل معه منتهياً لأنه تلاشى ومات .. !!
إن ذلك هو التفسير الحقيقى لانضواء رجال الكهنوت تحت راية الاستعمار، وركضهم الخسيس فى خدمة قضاياه ..
وعندما تتسابق شتى الكنائس لإرضاء إسرائيل وتعلق اليهود فهل يدل ذلك إلا على شىء واحد وهو أن رجال الدين باعوا ضمائرهم للشيطان .. ؟
إن العرب يتعرضون لإبادة عامة، والتفجيرات تنسف منازلهم وقد محيت قرى بأكملها من الوجود، والدفاع عن النفس يوصف بأنه إجرام وتمرد .
ووسط هذا الحريق المستعر يبارك ساسة إسرائيل، ويقول رجال الدين والدنيا : خلقت إسرائيل لتبقى ! فأين منطق الإيمان بالله واليوم الآخر فى تلك المداهنة وهذا الاستخذاء . ظاهر أن القوم قد تحولوا إلى سماسرة وعملاء للاستعمار العالمى .
واعتقادى أن هذه المحنة الرهيبة ستوقظ الإسلام النائم وإن كان غيرى يرى أن المادية المتربصة هى الكاسبة من خيانة الغرب لدينه ومثله .
ولا شك أن المستقبل محفوف بأخطار شداد، بيد أننا لن نفقد توازننا ولا ثقتنا فى أصالتنا الدينية ولا آمالنا فى جنب الله .
واعتقادى كذلك أن الاستعمار سيفشل فى محاولاته الدائبة لجر الكنائس الشرقية إلى جانبه وإشراكها فى مآسيه، وإذا كان قد ضلل البعض فإن الجمهرة الغالبة ستبقى على وفائها لتعاليمها ومواطنيها وتاريخها الصبور .
هذه المقررات لا نريد أن تنسى
أرسلت بصرى وراء طلاب بعض المدارس وهم منصرفون إلى بيوتهم . كان الصخب شديداً، والتدافع ظاهراً، والتصايح بالكلمات النابية مسموعاً ! لم تكن بالشارع أثارة من علم أو دلالة على جد ورشد !
ولست أستكثر على الصبية فرح الانطلاق والأوبة إلى الأصل، ولست أجهل طبيعة المرح فى مقتبل العمل وخفة التكاليف !
ولكنى لم أسترح للطيش البادى والمزح السخيف والألفاظ الماجنة إذا كنا نريد إعداد جيل صاعد فالأمر يتطلب سيرة وسريرة غير ما أرى .
لقد عرفت كثيراً من البرامج العلمية التى تدرس، ولا أزعم أنها قليلة، بل أشعر أن استيعابها أساس صالح لخلق شعب مثقف .
واطلعت على أغلب المقررات الدينية، وقد تكون أقل مما يجب درسه . ومع ذلك فهى لو تم فقهها وتحصيلها أساس حسن لتكوين جيل مؤمن مهذب ..
إذن من أين تجىء الشكوى ؟ وما مصدر ما ذكرت من معايب ؟
إن المادة العلمية شىء وأسلوب تقديمها وتلقيها شىء آخر .
إن هذا الأسلوب يرتبط برسالة الأمة، وضرورة تربية النشء على اعتناقها واحترامها .
ومن هنا فالتعليم المنفصل عن التربية جهد ضائع أو جهد تافه النتائج ..
وأذكر أن الدكتور " حلمى مراد " وزير التربية الأسبق كان قد ألف لجنة لعلاج هذا الوضع .
وأشهد أن الرجل كان حاد البصيرة عميق الإخلاص، راغباً فى إنشاء جيل أفضل وأقدر على مواجهة غده الثقيل .
ولقد انقسمت اللجنة المؤلفة إلى لجان شتى بذل أعضاؤها جهودهم فى أداء الواجبات المنوطة بهم .
[ ألف الدكتور " حلمى مراد " وزير التربية والتعليم الأسبق لجنة لدعم النواحى الدينية فى التعليم العام، وإصلاح مقرراته بما يعين على إنشاء جيل مسلم، وقد أخرج الدكتور من الوزارة ( !! ) بعد أن أدت اللجنة واجبها، فاستنقذنا هذه المقررات لإحدى الشعب التى اختصت بالجو المدرسى ]
واخترت لنفسى أن أكون فى اللجنة المعنية " بالجو الذى يسود المدرسة " لأن التربية المدرسية فى نظرى هى الدعامة الأولى للإفادة من العلم المبذول كما أنها الدعامة الأولى لإمداد أمتنا برجال ذوى معادن صلبة ومواهب راجحة وفضائل بارزة .
وقد انتهت اللجنة الموقرة إلى توصيات كثيرة، أستبيح لنفسى ذكرها آملاً أن ينفع الله بها، وأن تأخذ طريقها إلى الهواء والضياء !!
قالت اللجنة : " لا نستطيع أن نربى الطالب تربية دينية كاملة إلا إذا هيأنا له جواً روحياً فى مدرسته وفى بيته ليكون هذا المناخ الدينى من وسائل التعلق بهذه القيم والانتفاع بها، وبهذا تتلاقى المعارف الدينية التى تلقاها من مدرسه ومن كتابه بالجو المصبوغ بالصبغة الدينية النقية فتتحول المعرفة النظرية إلى سلوك دينى كما تتحول البذور فى الجو الملائم إلى زهور وثمر " .
وبذلك يمكن تثبيت العقائد وإلف العبادات وتزكية الأخلاق وتكوين جيل نزاع إلى الحق والخير متعاون على البر والتقوى .
ويتهيأ هذا الجو الدينى المدرسى المنشود بما يأتى :
( 1 ) يبدأ اليوم الدراسى بتلاوة من آيات الذكر الحكيم مجودة أو مرتلة لتشيع فى الجو المدرسى أنسام الطهر الروحى .
( 2 ) تدور كلمة الصباح بالإذاعة بين ثلاث دقائق وخمس دقائق، حول ما سمعه التلاميذ من الآيات المقروءة، وما تفرضه المناسبات الدينية، وما ترشد إليه من فضائل سامية، فى كلمات موجزة موحية .
( 3 ) أن تكون دروس التربية الدينية فى الحصص الثلاث الأولى ؛ ليشعر الطلاب بما للدين من قيمة عليا بين المواد الدراسية، وليكون التلميذ فى ذروة النشاط الفكرى، فيعى ما يسمع، ويقر فى نفسه .
( 4 ) أن تذاع الأناشيد الدينية أو قصة دينية قصيرة فى الفسحة الأولى من اليوم الدراسى .
( 5 ) أن ينظم الجدول المدرسى فيتلاقى ابتداء فسحة الظهيرة مع حلول وقت الظهر وينادى للصلاة ثم يدعى إليها بكلمات تحمس الطلاب لأداء الفريضة .
( 6 ) أن يخرج مدرسو اللغة العربية والتربية الدينية ومعهم إدارة المدرسة ومن شاء من المدرسين الآخرين أمام التلامي، ثم يتجهوا إلى المصلى ليكون هذا العمل الجماعى إشعاراً ملموساً بإقامة الشعيرة فى وقتها .
( 7 ) أن يكون لكل مدرسة مجموعة من الرواد الدينيين يتناسب مع عدد الفصول والطلاب، وهم الراعون لتلاميذهم يوجهونهم إلى مرشدهم ويؤمونهم فى صلاتهم وينظمون إقامة الشعيرة بجدول مخطط له حتى يؤدى الصلاة أكبر عدد من الطلاب، وعليهم أيضاً أن يعدوا تقريراً شهرياً عن سلوك كل تلميذ من تلاميذهم ويرسل التقرير إلى ولى أمره ليحس البيت برعاية المدرسة للدين فيعينها عليها .
( 8 ) أن يخصص يومان فى الأسبوع من فسحة الظهر تدور فيها مناقشات دينية مطبوعة متصلة بحياة التلاميذ ولا تستغرق من وقت الفسحة زمناً طويلاً حتى لا يضيق التلاميذ بها . وفى الأيام الأخرى تذاع مسرحيات دينية قصيرة تتصل بمنهجهم الدراسى ما أمكن ذلك .
( 9 ) أن تتجدد جماعات النشاط الدينى فتكون هناك جماعة للمسرح الإسلامى وغيرها للصحافة الإسلامية وأخرى للتاريخ الإسلامى .. بجانب الجماعات التقليدية كجماعة البر والإمامة وغيرهما .
( 10 ) أن يكون العاملون فى الميدان المدرسى قدوة حسنة تتسم بالإيمان والسلوك الحميد الذى ينعكس على تلاميذهم إيماناً وإخلاصاً وسلوكاً قويماً .
( 11 ) أن نجعل من بعض أيام الجمعة فرصة لالتقاء التلاميذ بأساتذتهم وأولياء أمورهم فى مصلى المدرسة، حيث تلقى عليهم دروس دينية حية تناقش أفكارهم على سعة، لنتيح اشتراك أولياء الأمور فى هذه المناقشة، مما يساعد على نقاء الجو المنزلى، ويوثق الروابط بين البيت والمدرسة .
( 12 ) أن تدور أسئلة التطبيق الدينى الأسبوعى والاختبارات الشهرية والفترية حول الموضوعات التى تثار فى الندوات واللقاءات الدينية لنشد انتباه التلاميذ إليها .
( 13 ) محاسبة المدرسين الذين يستهينون بدروس التربية الدينية فيستبدلون بها حصص المواد الأخرى .
( 14 ) تقسيم طلاب المدرسة إلى أسر إسلامية، وتسمى كل أسرة باسم شخصية إسلامية كبرى، على أن يكون تلاميذ كل أسرة على علم وثيق بمن انتمت إليه أسرتهم، على أن تتبادل هذه الأسر المناشط الدينية وتثار بينهم المنافسات الكريمة فى الجهاد الدينى، على أن يدعى أولياء الأمور لاجتماعات شهرية لهذه الأسر ؛ ليسهموا بجهودهم فى هذا المجال .
( 15 ) استخدام القيادات المؤمنة من الطلاب فى جذب زملائهم إلى الإطار الذى ترسمه المدرسة ليتحرك بنوها فى حدوده، فإن تأثير الطالب على زملائه أعمق من تأثير الأساتذة عليه .
( 16 ) وضع صندوق فى فناء المدرسة تجمع فيه التساؤلات الحرة للطلاب للرد عليها من جماعة الفتوى بالمدرسة .
( 17 ) أن يعنى بالاحتفال بالمناسبات الدينية احتفالاً مخططاً له، لتكون صورة متكاملة تطبع فى نفوس الطلاب الإجلال لهذه المناسبة، ويجعل الهدف من إحيائها ربط الطلاب بشعائر الإسلام ومبادئه، فينبنى الاحتفال على أن تعرض مكتبة المدرسة فى ركن خاص كل ما لديها من تواليف دينية أعدت لهذه المناسبة الإسلامية، كما تقوم بندوات وأناشيد دينية ومسرحيات وأشرطة إسلامية .
( 18 ) أن تزين جدران المصلى والمدرسة بلافتات تجذب الأنظار بجمال إخراجها وحسن اختيار ما يسطر عليها من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والحكم البالغة والعظات الدينية الموجهة .
( 19 ) الاهتمام باختيار شعار للمدرسة من الآيات والأحاديث، ويدرس الطلاب والطوالب بشتى الوسائل على الالتزام بما فى هذه الشعارات من قيم ومفاهيم، ويمكن أن يختار لمدارس البنات الشعار الذى يدعو إلى البعد عن التبرج والتمسك بأهداف الفضيلة والاحتشام فى الملبس والمظهر .
( 20 ) أن تكون للتربية الدينية ركن فى المكتبة العامة وفى مكتبات الفصول، ويزود هذا الركن بخير ما تخرجه المطابع من الكتب الدينية الحديثة التى تربط بين الدين والحياة وبين الدين والعلم، وتناسب كل مرحلة من المراحل الدراسية .
( 21 ) أن يكون للمصحف الشريف مكان الصدارة فى المكتبة العامة ومكتبات الفصول ومكتبة المصلى .
( 22 ) العناية بالوسائل المعينة التى تساعد التلاميذ على فهم أبواب المنهج الدينى، وتشوقهم إليه، وتؤكد مفاهيمه فى نفوسهم، على أن يشترك الطلاب فى إعدادها .
( 23 ) أن يكون بيد الطلاب فيما يقرر لهم من الكتب كتاب ذو موضوع واحد، يصور بعض البطولات الإسلامية والمعارك الإسلامية وأمجاد الإسلام العسكرية والعلمية، لتكون مثلاً عليا أمام الطلاب .
( 24 ) ينتفع بمجلس الآباء فى دراسة وإنقاذ كل ما يجد من مشكلات فى سلوك الطلاب وعلاقتهم بالمدرسة وتصرفاتهم الخارجية .
( 25 ) أن يحرص الزائرون الرسميون للمدرسة على الصلاة أمام التلاميذ ومعهم، ليترجموا عن العناية والاهتمام بأمر الدين، فتنصرف هذه العناية إلى التلاميذ .
( 26 ) أن نستعين ببعض أولياء الأمور وغيرهم من المثقفين ثقافة دينية واعية، فى إلقاء بعض المحاضرات أو الدروس الدينية ليكونوا من أدوات التأثير وعوامل الاستجابة من الطلاب، مع الاهتمام بما يدور بين الطلبة من تيارات ونزعات قد تنحرف بالعقيدة والوجدان الدينى .
( 27 ) التزام الحشمة والوقار فى الزى بمدارس البنات بين المدرسات والطالبات .
( 28 ) أن تعد المدرسة معرضاً دينياً ينظم كل ما أنتجه الطلاب من وسائل تعليمية دينية، كصور المصلحين الإسلاميين ومناسك الحج والمعارك والغزوات، مع بعض البحوث الدينية التى أعدها الطلاب بإشراف رائدهم، وفى هذا تجسيد للقيم الروحية التى ننشدها لإعداد الجيل الجديد .
( 29 ) إذا أمكن وصل النشاط الطلابى بالجماعات الإسلامية القائمة فى البلاد كان ذلك حسناً على أن يتم تحت إشراف المدرسة .
( 30 ) يوضع اليوم الدراسى فى إطار يحدد أوله ونهايته تحديداً متصلاً بالدين فلا يدخل التلاميذ فصولهم فرادى، ولا ينصرفون منها فرادى، ولكن يجمعون فى صفوف قبل الدراسة والانصراف ليرددوا أناشيد دينية وقومية ذات معنى روحى وخلقى .
( 31 ) أن تقوم المدرسة ببعض الرحلات الدينية التى يزور فيها الطلاب المساجد الكبرى والمتاحف الإسلامية والآثار والمعالم الدينية والتاريخية والمناطق السياحية الدينية، مما يوحى إليهم بأصالة ماضيهم الإسلامى وحضاراتهم المجيدة التى كانت مصدر إشعاع للعالم .
( 32 ) تفتح أبواب بعض المدارس فى كل حى من الأحياء فى جميع المدن بجمهورية مصر العربية تحت إشراف مسئولين، وذلك لتحفيظ القرآن الكريم فى مدة العطلة الصيفية، وأن تخصص مكافآت مغرية لمن يحفظ جزءاً من القرآن، وكلما زاد عدد الأجزاء من القرآن زادت المكافآت .
الحوافز :
( 34 ) خلق الحوافز بين الطلاب المتميزين دينياً من مثل إعفائهم من بعض الرسوم المدرسية أو رسوم الرحلات أو غير ذلك .
( 35 ) أن ترصد نسبة مجزية من حصيلة مجلس الآباء لتأثيث المصلى، وإثابة المجيدين والمسابقات الدينية وإعانة المحتاجين من الطلاب .
( 36 ) أن ترصد المناطق التعليمية مكافآت مالية سخية للطالب المثالى فى السلوك الدينى القيوم ليحفز ذلك غيرهم إلى أن ينهجوا نهجهم ويسلكوا سلوكهم .
( 37 ) إعداد لوحات شرف للممتازين فى تحصيلهم الدينى وسلوكهم المستقيم ولمن يقوم بأعمال فى البر تستلزم التنويه بها والإشادة بمن قاموا عليها .
( 38 ) إعداد شهادات تقديرية للطالبة أو الطالب الذى ينماز بال
محمد الغزالى
فهرس الكتاب
الباب الثامن
ـ لا دين حيث لا حرية ـ يا للرجال بلا دين ـ مشهورون ومجهولون ـ التنادى بالجهاد المقدس ـ دين زاحف رغم كل العوائق
ـ قال الإنسان وقال الحيوان ـ حول خرافة تحديد النسل ـ محنة الضمير الدينى هناك ـ هذه المقررات لا نريد أن تنسى
ـ أسئلة وأجوبة
وفى ملاقاة هذا العدوان تقرأ لكاتب روايات مصرى إنه مسرور من الجيل الحاضر لأنه يحسن الرقص والغناء !
قبحك الله من كاتب مكفوف البصيرة !
وفى هذا الاتجاه الضرير ينشر كاتب آخر مقالات مسهبة عن " الشخصية المصرية " يمهد فيها طريق الشهوة ويرسم لها الأهداف الوضيعة .
وتستغرب وأنت تقرأ فى صحيفة الأهرام مقالاته، فى أى عصر يعيش هذا الكاتب، ولأى جيل يكتب ؟
نعم لقد ذهب " توفيق الحكيم " إلى باريس لا ليسأل : كيف دخل الفرنسيون النادى الذرى ؟ ولا ليبحث كيف يحاول جواسيس الصهيونية سرقة أسرار طائرات " الميراج " ؟ ولا ليحقق كيف أقامت فرنسا قوة ثالثة تريد أن تضارع جبابرة الأرض ؟ لا .. إن شيئاً من ذلك لا يعنيه .
إنه ذهب ليزيد القراء العرب فهماً فى الأمور الجنسية، وليمد حريق الشهوات بوقود جديد يأتى على الأخضر واليابس ..
ذكر لنا الكاتب الجاد الناضج كيف أن زوجين لم يحسنا الوقاع ! وكيف أن طبيباً عالجهما حتى أحسناه ! وكيف شاهد مع الجمهور الفرنسى على " شاشة المسرح " : التطبيق العملى من الزوجين لما سمعاه وعرفاه من الطبيب، فظهرا عاريين يمارسان هذه العلاقة فى أتم وأكمل وجوهها " !
ويمضى كاتب الأهرام الوقور فى عرض ما راقه من صور فرنسية فيقول : " صادقت فى الحى " سينما " أخرى تعرض قصة عنوانها " الزواج الجماعى " .. جماعة من الأزواج الشباب اتفقوا بينهم على أن يعيشوا فى حياة مشتركة وأن يتقاسموا بينهم كل شىء وأن يناموا فى حجرة واحدة، ونساؤهم مشاع لمن شاء منهم، للزوج أن يعاشر من تروق له من زوجات زملائه، وللزوجة أن تختار ما تريد من أزواج زميلاتها، كل ذلك بالرضا التام من الجميع، وكأن الأمر رغيف خبز تتناوله الأيدى والأفواه .. ثم شاهدنا هذه العلاقات الجنسية تتم أمامنا بكل تفصيلاتها التى تخدش الحياء .. " الخ .
ونترك صورة هذا القطيع من الفتيات والفتيان المتصالح على الزنا الجماعى أو على الفسوق القذر .. لنترك هذا القطيع فى جوه المنتن لنقرأ كاتب الأهرام الفيلسوف "!" وهو يقرر رأيه فى هذا الموضوع .. قال " جعلت أفكر فى الأمر مستعرضاً ما سبق من حضارات كبرى فوجدت بعض التشابه . إن سمة الحضارة فى كل عصر هى البحث عن الحقيقة، ولا حياء فى البحث عن الحقيقة، خصوصاً ما يتعلق بالإنسان وأسباب وجوده المادى والروحى، فكانت حضارة مصر القديمة والهند ترسم وتنحت فى المعابد بعض الأعضاء التناسلية رمزاً للحياة .. بل إن كتب الأدب العربى القديم لأمثال الجاحظ وابن عبد ربه كانت تتحدث عن الجنس كما تتحدث عن الطعام، وأكثر هذه الكتب لا يخلو من باب للطعام وباب للباه، وما كان أحد وقتئذ يرى فى ذلك بأساً ولا حرجاً، ولكن يظهر أنه عندما تأخذ الحضارات فى الانحطاط تكثر المحظورات، وتسدل البراقع على كثير من الموضوعات، إلى أن تمتد إلى روح المعرفة وعادة البحث فتصيبها بالشلل وبهذا يقتل العلم وتخسر الحضارة " .
هذا هو فكر كاتب الأهرام الكبير ودرسه لتاريخ الحضارات السابقة واللاحقة ..
وظاهر من أسلوب الكاتب أنه لا يدرى شيئاً عن قضايا الحلال والحرام، ولا عن شرائع السماء فى السلوك الخاص والعام، ولا عن الطور العصيب الذى يمر به تاريخ العرب، بل سنرى أنه لا يدرى عن تاريخ الحضارات البشرية إلا هذه الأجزاء المبتورة عن التماثيل المقامة لأعضاء التناسل، واقتران الطعام بالباه فى كتب الأدب العربى القديم !!
ومع هذا التطور المزرى فهو كاتب كبير يملك حق التوجيه للأجيال الجديدة من أعلى المنابر .
إن علماء الدين ما نادوا فى بلادنا يوماً ما بكبت الغريزة الجنسية، ونحن نقدس فطرة الله التى فطر الناس عليها، ونحترم رغبة الذكر والأنثى فى لقاء مقنع مشبع، وسبيل ذلك الزواج فحسب ..
أما تيسير الزنا وتكثير أسبابه وتمهيد سبله وقبول نتائجه فهو ارتكاس إنسانى يصحب الأمم عندما تبدأ شمسها فى الغروب .
وتاريخ الأمة العربية والإسلامية معروف بأنه لم يعترف بالرهبانية كما لم يعترف بتبرج الجاهلية واستباحة الأعراض على نطاق ضيق أو واسع، فوصف الزنا العام بأنه زواج جماعى كلام قذر، وأى تمهيد لقبوله ـ كما ألمح الكاتب ـ مردود فى وجه صاحبه .
ثم إن العرب خلال هذا القرن قد حاقت بهم رزايا متلاحقة ثم استطاع عدوهم أن يضع أصابعه على مقاتلهم، وها هو يشد قبضته على خناقهم ليوردهم الحتوف .
وصيحة العلم والإيمان التى ارتفعت بيننا الآن هى أمل الحياة، فلحساب من تغرى أفواج الشباب بالانحلال والتردى، ويحددها كاتب مسلوخ عن الإيمان والعقل لتنسى ربها وشرفها ويومها وغدها !
نحن نعلم أن أوربا ارتقت فى العصور الأخيرة ارتقاءً بعيد المدى، لكنه من أكذب الكذب أن يجىء بعض الكتاب المصريين ليزعموا أن سبب ارتقائها هو انسلاخها عن مناهج الفطرة ومقتضيات الأدب .
إن أسباب النهوض شىء ومظاهر الانحلال شىء آخر، ولكى نعرف تفاهة كتابنا وانحدارهم الذهنى والنفسى ننقل إليك ما كتبه المؤرخ الإنجليزى الكبير " أرنولد توينبى " لتدرك منه حقيقة ما يتعرض له الكيان الأوربى من أخطار .
إن الأمراض التى يتعرض لها هذا الكيان المهتز هى هى " الخصائص البراقة " التى يريد نقلها إلى بلادنا كتاب تائهون مثل توفيق الحكيم وغيره من ذوى الأسماء والمناصب !
قال توينبى [ نشر المقال بالإنجليزية مجلة الإسلام الباكستانية، وترجمته إلى العربية مجلة رسالة الإسلام العراقية التى تصدر عن كلية أصول الدين ببغداد، والمقال طويل نقلنا منه نبذاً ] تحت عنوان درس من التاريخ للإنسان المعاصر :
" لقد فشلت جميع جهودنا لحل مشكلاتنا بوسائل مادية بحتة، وأصبحت مشروعاتنا الجريئة موضع سخرية ! إننا ندعى أننا خطونا خطوات كبيرة فى استخدام الآلات، وتوفير الأيدى العاملة، ولكن إحدى النتائج الغريبة لهذا التقدم تحميل المرأة فوق طاقتها من العمل، وهذا ما لم نشهده من قبل، فالزوجات فى أمريكا لا يستطعن أن ينصرفن إلى أعمال البيت كما يجب ..
" إن امرأة اليوم لها عملان : العمل الأول من حيث هى أم وزوجة، والثانى من حيث هى عاملة فى الإدارات والمصانع، وقد كانت المرأة الإنجليزية تقوم بهذا العمل الثنائى فلم نؤمل الخير من وراء عملها المرهق، إذ أثبت التاريخ أن عصور الانحطاط هى تلك العصور التى تركت فيها المرأة بيتها ..
" فى القرن الخامس قبل الميلاد حين وصلت اليونان إلى أوج حضارتها كانت المرأة منصرفة إلى عملها فى البيت، وبعد مجىء الإسكندر الكبير وسقوط دولة اليونان كانت هناك حركة تسوية شبيهة بالحركة التى نشهدها اليوم ! ..
" لقد نسوا الله ( والكلام لتوينبى ) حين وضعوا حلولاً لمعالجة الأمراض الاجتماعية انتهت بالأمم إلى علل مستعصية ومآس كبيرة ..
" إن عصر الآلة أوجد لنا نقصاً لم يسبق له مثيل، نقصاً فى المساكن مثلاً، وخلق لنا فترات متناوبة من البطالة، ونقصاً فى الأيدى العاملة " .
ويقول توينبى : " لقد مشى الإنسان قديماً فى الطريق الذى مشى فيه اليوم، ووضع القواعد نفسها لتنظيم السير والمرور، والفرق الوحيد أن الأوائل استخدموا عربات الخيل بدل السيارات، وأن مخالفة تعليمات المرور لم تكن مروعة ومميتة كما هى اليوم ..
" إن التقدم الفنى والصناعى ليس بحد ذاته دليل الحكمة أو ضمان البقاء، وإن الحضارات التى انبهرت وقنعت بمهارتها الآلية إنما كانت تخطو خطوة نحو الانتحار ! ..
" إن أحد مصادر الخطر على عصرنا الحاضر هو أننا تربينا على عبادة الوطن وعبادة الراية وعبادة التاريخ الماضى ـ العنصرى ـ ويجب على الإنسان أن يعبد الله وحده وأن يتمسك بالقانون الإلهى فى تكامل الفرد والمجتمع، وإن فشلنا لمحتم عندما نحيد عنه " هكذا يقول توينبى .
ومن عباراته فى هذا المقال : " لقد أقنعتنى دراستى لإحدى وعشرين حضارة أن الثقافة الخلاقة هى فقط الثقافة الصحيحة، تلك التى تتمكن من حل المشكلات المستجدة فى الظروف المختلفة ..
" إن التقدم العلمى الحديث قد حل مشكلاتنا الصناعية بجدارة ..
" ولكن مشكلات العصر ليست من ذلك النوع الذى يحل فى المختبرات، إنها مشكلات معنوية، ولا علاقة للعلم بالقضايا المعنوية " .
يعنى : أن الأمر فى هذه الأحوال لمنطق الإيمان، ولذلك يقول :
" قد يبدو هذا غريباً ولكن المدنيات الكبيرة بلغت نضجها وضمنت تكاملها بالتغيير الروحى " !
نقول : إن المؤرخ الأوربى الغيور على حضارته يلمح أسباب اعتلالها ويصف الدواء بحذق، أما الصحافى المصرى فهو يذهب إلى مسرح عابث فيصفه بإعجاب، ويتذكر أن مصر والهند كانتا قديماً تقيم التماثيل لأعضاء التناسل !!
أى فكر هذا ؟ وكيف تتداعى المعانى المثيرة على هذا النحو فى ذهن أديب لتنشرها صحيفة كبرى ؟
ومتى ؟ فى أيام استعداد العرب لجولة أخرى مع بنى إسرائيل يحررون بها أرضهم ويدركون ثأرهم !
ما ننتظر غير هذا من أقلام شبت على العبث وشاخت فيه .. بيد أننا نلفت الشباب المسلم إلى حقائق قد تغيب عن ذهنه فى غمرة الأحداث .
إن أعيننا ترمق قوماً يكرهون الإسلام من أعماق قلوبهم ويتحينون الفرص للتنفيس عن ضغنهم بوسيلة أو أخرى .
وهؤلاء يغضبون عندما ننتسب ـ مجرد انتساب ـ إلى الإسلام ولا يتحركون أية حركة إذا تعصب المتعصبون لأية نحلة أخرى على ظهر الأرض .
على الشباب المسلم أن يرمق هؤلاء بحذر وأن يدرك ما فى خباياهم من سواد ..
فى يوم ما جاء إلى صحن الأزهر وفد يجمع بين جان بول سارتر وسيمون دى بوفوار ولويس عوض وتوفيق الحكيم وآخرين لا أذكرهم ..
كان فيلسوف الوجودية وعشيقته مدعوين لزيارة القاهرة وإلقاء محاضرات بها ..
من الذى استقدم إلى عاصمة العروبة والإسلام هذا الفرنسى الكفور ليلقى فيها بذور انحلاله ؟!
لا يهم أن نعرف الأشخاص، وإنما المهم أن نحذر النيات المبيتة وأن نتقى التوجيهات المسمومة وأن نتبين الدائرة الواسعة التى يعمل فيها عدونا، لهدم عقائدنا ودك حصوننا فإن هؤلاء الأعداء كثيرون " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم " .
حول خرافة تحديد النسل
قرأت مقالاً عن " الانفجار السكانى وإمكانات التحكم " نشرته صحيفة الأهرام يوم الجمعة 2 / 1 / 1970 ولا أكون مغالياً إذا وصفت هذا المقال بأنه صائب الفكرة عميق النظرة مملوء بالحقائق الجديرة بالاحترام .
ولقد لفت عدداً من الدعاة المسلمين وعلماء الدين إلى هذا المقال لأنه يصور فى نظرى عودة أفكار سبق أن كتبتها ووقفت عندها، ورأى جمهور المسلمين أنها التعبير الحق عن أحكام دينهم ونهج حياتهم، وإن كان البعض قد مارى فيها مراء يعلم الله بواعثه !
والكاتب بعد مقدمات جيدة حول مشكلة النسل يقول :
إن تفسير الزيادة السكانية بغير التخلف الاقتصادى، أو رد هذه الزيادة إلى عوامل أخرى .
مثل غلبة الغريزة الجنسية،
أو وجود الأديان المحبذة للتناسل،
أو عدم المبالاة بالرقى ..
يدخل فى باب التضليل العلمى !
وقد استخلص هذه النتيجة الصادقة من جملة ملاحظات علمية واجتماعية جديرة بالتأييد الحار .
ويعجبنى أنه استهجن صيحات التشاؤم المفتعلة التى تخصص فى إرسالها بين الحين والحين نفر من مقلدى الأساليب الأمريكانية فى الإحصاء الجزئى والحكم العام، وهى أساليب تخدم سياسة معينة من البيانات والبلاغات التى يتبرع بها نفر من نجوم الرأى الأمريكيين يزعمون فيها أن العالم قد بلغ فى مسيرته نحو كارثة " اللاعودة " .
بسبب الزيادة المفرطة فى سكانه، تلك الزيادة التى نشأت من أن أقطار العالم الثالث ـ الذى يضم عشرات من الدول النامية أو بتعبير آخر عشرات من الدول المتخلفة ـ لم تكبح جماح شهواتها الجنسية، ولم تستجب لدعوة المندوب الأمريكى إلى " تخطيط " أو تحديد النسل الذى رأى سيادته أنه الطريق الوحيد لحسم المشكلة السكانية ..
بل لم يستح نفر من قادة الرأى فى الولايات المتحدة أن ينادوا جهراً بضرورة استخدام القسر فى الحد من هذا التفوق العددى للمراتب السفلى من البشر (!) بالقدر الذى يمنع دفع المراتب الأعلى إلى الخلف !
ولما كانت نسبة الأولاد تكاد تكون ثابتة من عشرات السنين فإن الزيادة المحذورة نشأت للأسف من قلة الوفيات بسبب ارتفاع المستوى الصحى فى أرجاء العالم .
والحل ؟
إنه عند أرباب الثقافة الغربية الرفيعة عدم مقاومة العلل بين شعوب لا تجد الأكل، وترك الأمراض تفتك بهذه الأجيال الوافدة فإن إقحام طوفان من الأطفال الجياع على اقتصاد مضطرب يهدد بكارثة !
لكن كيف يوصف هذا التصرف ؟
إنه تصرف " إنسانى " عادى (!) لأنه يساعد الطبيعة على انتخاب الأصلح وإبقاء الأقوى !
بل إن هذا التصرف يتفق مع أرقى ثمرات الفكر الإنسانى، ألم يقل أفلاطون فى جمهوريته الفاضلة أنه يجب قتل كل طفل يزيد عن العدد الضرورى ؟ ونحن قد وصلنا بالفعل إلى ما يزيد عن العدد الضرورى .
ويستتبع الفكر الغربى أحكامه على الأمور، فيقول الدكتور " هوايت ستيفنز " أحد خبراء علم الاجتماع : إن يوم القيامة سيوافق 13 / 11 / 2026 لأن المجاعة العالمية فى هذا اليوم ستقضى على الجميع، هكذا يقول الدكتور الألمعى بعد حساب وفق قواعد علم الاجتماع لا قواعد علم التنجيم !
وبناء على هذا الهوس الإحصائى يدعو الأمريكيون إلى التعقيم الإجبارى وإلى فرض نظام صارم لتحديد النسل، وإلى دعوة الأمم المتحدة إلى إجراء ما كى ينخفض عدد الأولاد بين العرب والزنوج والهنود وأشباههم وهم سواد العالم الثالث .
ويلاحظ الأستاذ كمال السيد ـ كاتب المقال ـ أموراً ذات بال منها أن الولايات المتحدة تنفق 70 ألف مليون دولار على معدات القتال وأن شركاتها المحتكرة تعامل شعوب العالم الثالث بنهم مستغرب لا مكان معه للرحمة بهؤلاء الجياع المساكين .
ويقول " وهناك صيغة شائعة فى أمريكا الجنوبية فحواها " :
أن خمسة من سكانها يموتون جوعاً كل دقيقة فى حين أن الشركات الأمريكية العاملة بها تكسب خمسة آلاف دولار كل دقيقة أى ألف دولار من كل ميت .. !
ومع شعورنا بأن الكاتب يسارى النزعة إلا أننا نعرف أن المساعدات الأمريكية مغشوشة النية سيئة الهدف فقد توزع على الأطفال مقادير من الألبان والجبن، ولكنها تفرض على بيئتهم قيود الفقر الأبدى إلى هذا النوع من المساعدات .
وبرامج النقطة الرابعة توزع المواد الاستهلاكية وحسب على الأمم المتخلفة وتمتنع امتناعاً غريباً عن تصنيع البيئة وإعانتها على أن تخدم نفسها بنفسها، وتستغل مواردها الوطنية بقدراتها الخاصة !
كأن شعوب هذا العالم الثالث ـ كما تسمى ـ ينبغى أن تظل مشلولة المواهب مكشوفة العجز، لا تستطيع الانتفاع بما لديها من خبرات .
وعليها ـ بعد ـ أن تسمع الحكم بأن التعقيم الإجبارى واجب، وأن تحديد النسل فريضة وإلا قامت القيامة بعد كذا من السنين !
ويتلقى هذا الكلام بعض قصار العقل فيطيرون به هنا وهناك ينذروننا بالويل والثبور وعظائم الأمور فإذا حاولنا التفاهم معهم قالوا : إنكم رجعيون تائهون عن مقررات علم الاجتماع، وأخطار يوم القيامة الذى سيجىء حتماً من زيادة السكان !
ولنتناول الآن صميم المشكلة . هل حقاً أن بلاد العالم الثالث لا تكفى حاجات أهلها وبالتالى لا تتسع لمزيد من الأفواه التى تطلب القوت والأجساد التى تطلب الكسوة ؟
تلك هى الأكذوبة الكبرى التى يضخم الاستعمار صداها ويزعج الدنيا طنينها !
إن أقطار العالم الثالث مشحونة بخيرات تكفى أضعاف سكانه، بيد أن هذه الخيرات تتطلب العقول البصيرة والأيدى القديرة .
ولو رزقت هذه الأقطار المنكودة إنسانية نزيهة تستهدف إيقاظ الملكات الغافية والحواس المخدرة، وتطارد الخمول والوهن وتجند القدرات والخيرات، وتمنع التظالم والترف، وتضرب سياجاً منيعاً حول مصالح الشعوب يرد عنها غوائل الاستعمار بجميع أنواعه لكانت هذه الشعوب تحيا فى رغد من العيش تحسدها أقطار الغرب عليه ..
ليست المشكلة اقتصادية كما يزعم الخبثاء من المستعمرين، ومقلدوهم من الصياحين الذين يهرفون بما لا يعرفون .
الفقر فقر أخلاق ومواهب لا فقر أرزاق وإمكانيات !
ـ لماذا يكون المولود القادم أكالاً لا شغالاً، مستهلكاً لا منتجاً، عبئاً على الحياة لا عوناً على الحياة ؟
ـ لماذا تهون الإنسانية فى شأن هذه الأجيال الوافدة فيكون وجوده مبعث قلق لا مثال استبشار .
إن الجهود المادية والمعنوية التى يبذلها المتشائمون لقتل هذه الأنفس أو للحيلولة دون وجودها لو بذلت فى تصحيح الأخطاء الاجتماعية وتقويم الانحرافات العقلية لكانت أقرب إلى الرشد وأدنى إلى الغاية !
ولكن الاستعمار الأنانى الشره يريد التهام كل شىء لنفسه وحده، بل الأنكى من ذلك أنه يعترض طريق كل نهضة تصحح الأوضاع كى تبقى الأمور كما هى ويبقى منطقه السقيم فى علاج الأمور .
على أن تخلف العالم الثالث ليس علة أزلية ولا أبدية فقد كان الأوربيون والأمريكيون أسوأ حالاً منذ قرون تعد على الأصابع، وكانت الخرافة تفتك بعقولهم فتك الأدران والعلل بأجسامهم، فإذا صعدوا فى سلم الترقى وهبط غيرهم بعد رفعة أو بدأ لأول مرة يخطو على درب المدنية فلا معنى للاحتيال عليه والتشفى منه .
" كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم "
والأمر لا يستدعى أكثر من تغيير الظروف المؤثرة فى أحوال المجتمعات فهناك مكان ينبت العز ـ كما يقول المتنبى ـ ومكان ينبت الذل . وهناك آخر يوقظ العقل أو ينيمه .
والمعتوهون الذين يصرخون جزعين : قفوا نسل الأرانب حتى لا تقول الساعة، أو حتى ترقى الأمة .. لا يعلمون أن العالم الثالث لن يرقى ولو فقد تسعة أعشار عدده ما بقيت ظروف النفسية والفكرية جامدة على أوضاعها الحالية .
ونعود مع كاتب الأهرام لنبصر الواقع حيث يقول :
" إن موارد العالم خصوصاً موارد البلاد المتخلفة ما زالت تفوق كثيراً زيادة أعداد السكان، فالفائض الاقتصادى المحتمل يمكن تحويله إلى ضروب من النشاط المنتج بدلاً من أن يذهب إلى جيوب المرابين والوسطاء وملاك الأرض أو يتبدد فى وجوه السرف المختلفة ..
" وهذا الفائض هو ما يعرفه الاقتصاديون بأنه الفرق بين الإنتاج فى ظروفه الطبيعية وبين ما يعد استهلاكاً ضرورياً للجماعة المنتجة، ويقدر هذا الفرق بنحو 20 % من الإنتاج القومى، وهو يكفل عند استثماره زيادة سنوية فى الدخل تبلغ 8 %، وهذه الزيادة تكفى بل تفيض عن متطلبات الزيادة السكانية " .
الفقر الواقع أو المتوقع لا يعود إذن إلى علل طبيعية بل إلى سوء تصرف واضطراب إدارة، أو كما يقول الاقتصادى الأمريكى المشهور " بول باران " : " إننا يجب أن ندق ناقوس الخطر لا لأن القوانين الأبدية فى الطبيعة قد جعلت من المستحيل إطعام سكان الأرض بل لأن النظام الاقتصادى الاستعمارى يحكم على جموع كثيفة من الناس ـ لم يسمع بضخامتها من قبل ـ أن تعيش فى كنف الفاقة والتدهور والموت قبل الأوان " !
ثم أنهى الكاتب كلمته قائلاً : " إنه لا حل لمشكلات التخلف ومن بينها ضغط السكان على الموارد إلا بتنمية بلدان العالم الثالث لثرواتها، ومضاعفة اعتمادها على نفسها .. ثم على القدر الميسور من المعونات الأجنبية المنزهة ".
لقد قررت هذه الأحكام تقريباً فى كتابى " من هنا نعلم " المطبوع من ربع قرن، ولذلك فقد انشرح صدرى عندما قرأت هذه الأيام ما يزيد الحق وضوحاً ..
وما يبدد ضباباً كثيراً نشره فى أفق الحياة العامة أقوام قصار الباع طوال الألسنة، وإنى ـ إذ أؤكد المعانى
الآنفة ـ أوجه كلمة إلى نفر من المتحدثين باسم الإسلام أساءوا إلى حقائقه مراراً وهزموه فى مواطن كثيرة ..
إن الإسلام ليس هو بالدين المحلى لأهل الوجهين البحرى والقبلى، إنه دين القارات الخمس ! وداره الرحبة الخصبة تمزج بين أجناس كل هذه القارات فى أخوة جامعة لا تعرف الحدود الضيقة المفتعلة التى صنعها الاستعمار فكيف يعالجون مشكلة السكان وهم لا يدركون هذا الأساس المبين ؟
ثم إن هذا الدين يتعرض لحرب إبادة فى هذه الأيام من تحالف الصهيونية والاستعمار، فكيف تصدر الأوامر من رؤساء الأديان بتكثير الأتباع، ومباركة النسل، ويفتون هم بالتعقيم والتقليل ؟
إننى لا أدرى علة هذا الزيع ؟ أهى قلة العلم أم ليونة الضمير ؟
وتحذير آخر إلى هؤلاء : إن أحدهم يقع على الكلمة منسوبة إلى عمرو بن العاص أو غيره من الرجال فيطير بها غير آبه بقيمة سندها ولا مكترث بأنها ملتقطة من كتب تجمع الجد والهزل والخطأ والصواب ..
ولو فرضنا جدلاً نسبتها إلى عمرو، فما كلام عمرو بالنسبة إلى كلام الله ورسوله ؟
أرجو بعد كلمة الأهرام التى لخصتها فى مقالى أن تنتهى هذه المأساة ..
محنة الضمير الدينى هناك !
هذه سياحة سريعة داخل أقطار الفكر الدينى الغربى . ستفجؤنا أحكام ينقصها السداد، ومؤامرات يحبكها القدر، وضغائن لا تزال عميقة على طول العهد وامتداد الزمان !
ومن حقنا نحن المسلمين ـ وقد لفحتنا حرب بقاء أو فناء ـ أن ندرس الجبهة التى مسنا عدوانها وأن نزن ببصر حديد طبيعة العواطف الدينية التى تكمن أو تبرز خلف أحداث لا تبدو لها نهاية قريبة !
ولنبدأ بمقال نشرته مجلة كاثوليكية تطوعت بإسداء نصائحها الغالية لإسرائيل، وليست هذه النصائح الغالية أن يعترف اليهود بحق العرب وأن يعودوا من حيث جاءوا تاركين البلاد لأصحابها .. لا !
إن الضمير الدينى عند الصحيفة المتدينة جعلها تسدى نصحاً من لون آخر، لقد قالت لليهود :
" إننا احتللنا فلسطين قبلكم، وبقينا فيها سنين عدداً، ثم استطاع المسلمون إخراجنا وتهديم المملكة التى أقمناها ببيت المقدس، وذلك لأغلاط ارتكبناها، وها نحن أولاء نشرح لكم تلك الأغلاط القديمة حتى لا تقعوا فيها
مثلنا ! ..
" استفيدوا من التجربة الفاشلة كى تبقى لكم فلسطين أبداً ويشرد سكانها الأصلاء فلا يخامرهم أمل العودة !"
وشرعت الصحيفة التقية تشرح : لماذا انهزم الصليبيون الأقدمون وتوصى حكام " إسرائيل " بأمور ذات بال، وتحرضهم فى نذالة نادرة أن يوسعوا الرقعة التى احتلوها، وأن يستقدموا أفواجاً أكثر من يهود العالم، وأن يحكموا خطتهم فى ضرب العرب ومحو قراهم وإبادة خضرائهم، وبذلك يستقر ملك إسرائيل ويندحر الإسلام والمسلمون .
وهاك أيها القارئ عبارات المقال الذى نشرته مجلة " تايلت " الإنجليزية الكاثوليكية للكاتب ( ف . س اندرسون ) فى العدد الصادر فى 26 / 10 / 1957 .
يقول الكاتب المذكور " إن نظرة واحدة إلى خارطة حدود إسرائيل الحالية تعيد إلى الذاكرة للفور أوجه الشبه القوية بين تلك الحدود وحدود مملكة الصليبيين التى قامت عقب احتلال القدس 1099 م ..
" ونظراً إلى الأعمال العدائية بين إسرائيل وجيرانها نرى من المفيد أن نقارن بين الحالة العسكرية الراهنة وبين مثيلاتها فى أيام الصليبيين، ولعلنا نرى ما إذا كان سيتاح لإسرائيل خط أفضل مما كان للصليبيين القدامى أم سيلقون مصيرهم ؟ ..
" إن مملكة الصليبيين لم يكتب لها البقاء إلا أمداً قصيراً وقد مكثت ثمانية وثمانين عاماً فقط ثم استرد المسلمون القدس ! ..
" ومع أن المسيحيين نجحوا فى الاحتفاظ بقطاع صغير شرقى البحر المتوسط مدة مائة عام أخرى إلا أنهم فشلوا فى الدفاع عن عكا أخيراً وأخذوا يغادرون هذه البلاد تحت جنح الظلام عائدين إلى أوروبا ..
" إن سقوط تلك المملكة كان يعود إلى بضع نقائص ظاهرة فإذا أريد لإسرائيل أن تعيش مدة أطول فما عليها إلا أن تحتاط ضد هذه النقائص ..
" لقد دخل الصليبيون فلسطين فى ظروف ملائمة جداً لهم، تميزت بوقوع الفرقة بين المسلمين، وعجزهم عن إقامة جبهة مقاومة موحدة ! ..
" وهكذا استطاع المهاجمون أن يهزموا المسلمين بسهولة، دويلة بعد دويلة، وأن يمكنوا لأنفسهم فى الأقطار التى فتحوها غير أنه لم يمض وقت طويل حتى ظهر زعيم عسكرى مسلم استطاع أن يوحد المسلمين أمام خصومهم بسرعة، ثم حشد قواهم فى معركة حطين وأصاب الصليبيين بهزيمة ساحقة تقرر على اثرها مصير القدس، بل انحسر بعدها المد الصليبى جملة، ودخل صلاح الدين الأيوبى مدينة القدس التى عجز أعداؤه عن استبقائها أو استعادتها فتركوها يائسين " .
يقول الكاتب الكاثوليكى : " كان الصليبيون يستطيعون البقاء مدة أطول فى تلك البلاد لو لم يعانوا نقصاً شديداً متواصلاً فى الرجال، ولو أنهم وسعوا حدود مملكتهم وفق ما تمليه الضرورات العسكرية الماسة، لماذا لم تحتلوا دمشق ؟ لقد كان احتلال دمشق مفتاح مشكلتهم وضمان بقائهم ! وسيظل عدم تقديرهم لهذه الحقيقة
لغزاً لنا ؟ ..
" نعم إنهم بذلوا جهوداً واهية لاحتلال تلك المدينة بيد أن محاولاتهم كانت من الضعف بحيث كتب عليها بالفشل " .
وبدلاً من أن يتابعوا جهودهم لاحتلال دمشق اتجهوا جنوباً واحتلوا العقبة وشرعوا يوجهون حملاتهم إلى مصر، مع أن الإشراف على النيل هدف عسير التحقيق !!
وعندما أصبحت للمسلمين اليد العليا فى ذلك العهد استطاعوا إجلاء الصليبيين عن العقبة وعن سائر حصونهم فى الجنوب، إلا أن الكارثة الكبرى جاءت من الشرق، فإن معركة حطين وقعت بالقرب من طبرية عند الزاوية الشمالية الشرقية لمملكة الصليبيين ..
ولما كانت دمشق والأرض الممتدة بين الأردن والصحراء السورية ملكاً للمسلمين فقد استطاعوا أن يتحركوا بحرية على ثلاث جبهات حول المملكة الصليبية التى أضحت شبه محصورة .. وذلك ما أعجزها عن المقاومة !
يقول الكاتب الحزين لما أصاب أسلافه : " ولو أن الصليبيين اندفعوا قدماً وقطعوا الممر الذى يؤدى إلى الشرق من دمشق لاستطاعوا منع مرور الجيوش والقوات بين سورية ومصر، ولكانت حدودهم الشرقية المستندة إلى الصحراء أكثر أماناً، ولأمكنهم الانتفاع من أساطيلهم البحرية " .
ثم يستأنف الكاتب الحاقد كلامه فيقول : " لقد أقيمت إسرائيل فى وقت كان العرب فى الدول المجاورة عاجزين عن القيام بعمل موحد، ثم بقدر كبير من الجهد والشجاعة استطاع اليهود أن يبلغوا حدودهم الحالية، لكن هذه الحدود تطابق حدود المملكة القديمة للصليبيين، وقد عرفنا مآلها فما العمل ؟ " .
يقول الكاتب محرضاً اليهود على مزيد من العدوان : " مرة أخرى ما لم تتحرك إسرائيل فى الاندفاع نحو دمشق فستبقى للعرب تلك الحرية الخطرة فى تنقيل قواهم حول ثلاث جهات من إسرائيل، وفى ذلك ما فيه " .
ويستطرد : " قد يكون من العسير سياسياً أن تتحرك إسرائيل لغزو سوريا واحتلال دمشق لكن الاتجاهات السياسية السورية قد تساعد على تسويغ ذلك، وإن مثل هذه النزهة الحربية ( ! ) ستنطوى على فائدة دائمة لإسرائيل أعظم من الفائدة التى تجنيها من التغلغل فى صحراء سيناء " .
ويختم الكاتب " نصيحته " لأصدقائه اليهود فيقول : " إن إسرائيل لن تنقصها القوى البشرية فلديها جيش كبير بالإضافة إلى هجرة منظمة من جميع أنحاء العالم تمدها بكل ما تفتقر إليه من طاقات ويجب أن تظل قادرة على وضع جيش قوى فى الميدان يكون دائماً على أهبة الاستعداد " .
لو أن كاتب هذا الكلام يهودى قح ما استغرب المرء حرفاً منه !
إن وجه العجب فى هذا التوجيه المشوب بالود لإسرائيل والبغض للعرب والمسلمين أن الكاتب مسيحى ينشر أفكاره فى مجلة كاثوليكية .
وهو يفكر ويقارن ويقترح كأن القضاء على العروبة والإسلام جزء من عقله الباطن والظاهر، ثم هو لا يشعر بذرة من حياء فى إعلان سخائه . إن مشاعر البغضاء المضطرمة فى جوفه تغريه بالاسترسال والمجازفة دون أن تهيب، ويحزننا أن الكلام ليس إبداء لوجهة نظر خاصة، فإن الكاثوليك فى أرجاء الأرض انتهزوا فرصة الضعف التى يمر بها الإسلام كيما يحولوها إلى هزيمة طاحنة وفناء أخير .
والروح الذى أملى بكتابة هذا المقال هو نفسه الروح الذى كمن فى مقررات المجمع المسكونى الذى عقده بابا روما وصالح فيه اليهود، وأمر الكنائس بعده ألا تلعنهم فى صلواتها .
وهو الروح الذى جعل " البابا بولس " يزور القدس ويدخل الأرض المحتلة ويتعامل مع سلطات إسرائيل، وهو تصرف لم يفعله أى بابا من مئات السنين !
وللقارئ المسلم أن يسأل : أذلك موقف الكاثوليك وحدهم ! أم أن أصابع الاستعمار الغربى قد أفسدت التفكير الدينى لدى كثير من المفكرين الغربيين .
قرأت كتاباً وجيزاً للمؤلف المصرى المنصف الدكتور وليم سليمان وردت به هذه الحقائق نذكرها مع تعليق سريع لا بد من إيراده . قال : " فى ديسمبر سنة 1961 عقد مجلس الكنائس العالمى مؤتمره الثالث فى نيودلهى، وأصدر قراراً حدد فيه موقفه من اليهود جاء فيه : لا بد من تهيئة التعليم الدينى المسيحى وتقريبه للأذهان على وجه يبرئ اليهود من تبعات الأحداث التاريخية التى أدت لصلب المسيح إذ إن هذه التبعات تقع على
عاتق الإنسانية كلها ( ! ) ..
" وقد صرح الراعى البروتستانتى الأمريكى ل . ج . نبيت الأستاذ بمعهد اللاهوت بنيويورك قائلاً : إن الكنائس مسئولة بوجه خاص عن العداء للسامية فقد ظلت تعاليم المسيحية موجهة عدة قرون ضد اليهود وهو عداء يعد من مخلفات الأحقاد الدينية القديمة " .
نقول نحن : وما ذنب المسلمين فى هذا ؟ وهل عرب فلسطين يدفعون ثمن هذا الخطأ الكنسى من وطنهم وكرامتهم وحاضرهم ومستقبلهم ؟
ذلك ما يريده مجلس الكنائس العالمى الموقر ! فإن هذا المجلس عقد مؤتمراً فى بيروت وزار أعضاؤه مخيمات اللاجئين ثم قرر أنه ليس هناك حل دائم لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين إلى أن يبت فى القضية الخاصة بالخلاف بين العرب وإسرائيل .
" وقال المؤتمر " الطيب القلب " : إن ذلك سيشمل خطة عامة لتعويض اللاجئين سواء عادوا إلى وطنهم أم لم يعودوا وإن هناك صدقات سوف يأخذها أصحاب الأرض والمطرودين ! ..
" وفى سنة 1964 عقد مجلس الكنائس العالمى فصله الدراسى الثالث عشر " بجنيف " وافتتح الجلسة عميد الكلية اللاهوتية بجامعتها فقال لا فض فوه : حين تثور مشكلة اليهود فإن الكنيسة لا تستطيع أن تتجاهل ثقل مسئوليتها العظيمة عن آلامهم وضياعهم طول تاريخهم ولذلك فإن أول ما يصدر عنها نحوهم هو طلب المغفرة ..
" يجب على الكنيسة أن تطلب المغفرة من اليهود !! بهذه العبارة الضارعة الذليلة يفتتح مجلس الكنائس العالمى الجلسة التى يحدد فيها موقف من دولة إسرائيل .. " .
ونتساءل نحن مرة أخرى : أإذا أجرم غيرنا وجب علينا نحن القصاص ؟ " ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً " [ هود : 19 ] .
لقد فكرت فى هذا الأمر ملياً ! إن حقنا ليس غامضاً حتى يلتمس عذر لمستبيحه !
هل المال اليهودى من وراء هذه الذمم الخربة مهما كانت مناصبها الدينية ؟ ربما .
أم أن الضغائن العمياء على الإسلام وأمته سيرت الخطب والمقالات فى هذا المجال الفوضوى المكابر الوقح ؟ ربما .
لكن الدكتور وليم سليمان فى كتابه " الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية " يذكر لنا كلاماً آخر يستحق الدرس والتأمل .
إنه ينقل عن مؤرخ الإرساليات " ستيفن نيل " هذه العبارات من تقرير له : " لقد تيقن الرجل الغربى أن سجله الاستعمارى حافل بالعار وأصبح أقل ثقة مما كان فى وحدانية الإنجيل المسيحى ونهائيته، وفى حقه ـ أى حق الرجل الغربى ـ أن يفرض على ورثة الأديان العظيمة الأخرى شيئاً قد يثبت فى النهاية أنه ليس أكثر من خرافة غريبة a western myth ..
" وبدأ فى أوساط رجال اللاهوت هجوم صريح على الألوهية بكل مظاهرها فى المسيحية ! وانتشر تيار فكرى يجعل نقطة بدايته " موت الإله " (!) وينادى بمسيحية لا دين فيها (!) وينادى بهذه الأفكار " بنهوفر ويلتمان " والأسقف الإنجليزى " جون روبنسون " ..
[ انظر على سبيل المثال كتاب روبنسون Honest To God الذى طبع منه فى مارس سنة 1962 أربع طبعات وفى أبريل سنة 1962 طبعتان وفى كل من مايو ويوليو وسبتمبر من نفس العام طبعة وكانت الطبعة العاشرة فى سبتمبر سنة 1964، وقارب عدد النسخ المطبوعة مليون نسخة، وعلقت عليه مجلة " تايم " فى 25 ديسمبر سنة 1964 ونيوزويك فى أبريل سنة 1966 ومجلات أمريكية أخرى كثيرة !! ]
" ويخيل للمراقب من بعيد أن القوم يثورون على الإله لأنه تخلى عنهم وساعد أعداءهم " .
ويستطرد الدكتور وليم سليمان فيقول عن الغربيين : " الدين فى نظرهم لم تعد له قيمة فى ذاته، إنه شىء يمكن الاستفادة منه لتحقيق الأهداف الدنيوية التى ينشدها الغرب فى شتى أنحاء العالم " .
وخلاصة هذا الكلام أن المسيحية انتحرت فى أوربا، فأى تدين هذا الذى ينخلع ابتداء من الإيمان بالحى القيوم، ويعتبر التعامل معه منتهياً لأنه تلاشى ومات .. !!
إن ذلك هو التفسير الحقيقى لانضواء رجال الكهنوت تحت راية الاستعمار، وركضهم الخسيس فى خدمة قضاياه ..
وعندما تتسابق شتى الكنائس لإرضاء إسرائيل وتعلق اليهود فهل يدل ذلك إلا على شىء واحد وهو أن رجال الدين باعوا ضمائرهم للشيطان .. ؟
إن العرب يتعرضون لإبادة عامة، والتفجيرات تنسف منازلهم وقد محيت قرى بأكملها من الوجود، والدفاع عن النفس يوصف بأنه إجرام وتمرد .
ووسط هذا الحريق المستعر يبارك ساسة إسرائيل، ويقول رجال الدين والدنيا : خلقت إسرائيل لتبقى ! فأين منطق الإيمان بالله واليوم الآخر فى تلك المداهنة وهذا الاستخذاء . ظاهر أن القوم قد تحولوا إلى سماسرة وعملاء للاستعمار العالمى .
واعتقادى أن هذه المحنة الرهيبة ستوقظ الإسلام النائم وإن كان غيرى يرى أن المادية المتربصة هى الكاسبة من خيانة الغرب لدينه ومثله .
ولا شك أن المستقبل محفوف بأخطار شداد، بيد أننا لن نفقد توازننا ولا ثقتنا فى أصالتنا الدينية ولا آمالنا فى جنب الله .
واعتقادى كذلك أن الاستعمار سيفشل فى محاولاته الدائبة لجر الكنائس الشرقية إلى جانبه وإشراكها فى مآسيه، وإذا كان قد ضلل البعض فإن الجمهرة الغالبة ستبقى على وفائها لتعاليمها ومواطنيها وتاريخها الصبور .
هذه المقررات لا نريد أن تنسى
أرسلت بصرى وراء طلاب بعض المدارس وهم منصرفون إلى بيوتهم . كان الصخب شديداً، والتدافع ظاهراً، والتصايح بالكلمات النابية مسموعاً ! لم تكن بالشارع أثارة من علم أو دلالة على جد ورشد !
ولست أستكثر على الصبية فرح الانطلاق والأوبة إلى الأصل، ولست أجهل طبيعة المرح فى مقتبل العمل وخفة التكاليف !
ولكنى لم أسترح للطيش البادى والمزح السخيف والألفاظ الماجنة إذا كنا نريد إعداد جيل صاعد فالأمر يتطلب سيرة وسريرة غير ما أرى .
لقد عرفت كثيراً من البرامج العلمية التى تدرس، ولا أزعم أنها قليلة، بل أشعر أن استيعابها أساس صالح لخلق شعب مثقف .
واطلعت على أغلب المقررات الدينية، وقد تكون أقل مما يجب درسه . ومع ذلك فهى لو تم فقهها وتحصيلها أساس حسن لتكوين جيل مؤمن مهذب ..
إذن من أين تجىء الشكوى ؟ وما مصدر ما ذكرت من معايب ؟
إن المادة العلمية شىء وأسلوب تقديمها وتلقيها شىء آخر .
إن هذا الأسلوب يرتبط برسالة الأمة، وضرورة تربية النشء على اعتناقها واحترامها .
ومن هنا فالتعليم المنفصل عن التربية جهد ضائع أو جهد تافه النتائج ..
وأذكر أن الدكتور " حلمى مراد " وزير التربية الأسبق كان قد ألف لجنة لعلاج هذا الوضع .
وأشهد أن الرجل كان حاد البصيرة عميق الإخلاص، راغباً فى إنشاء جيل أفضل وأقدر على مواجهة غده الثقيل .
ولقد انقسمت اللجنة المؤلفة إلى لجان شتى بذل أعضاؤها جهودهم فى أداء الواجبات المنوطة بهم .
[ ألف الدكتور " حلمى مراد " وزير التربية والتعليم الأسبق لجنة لدعم النواحى الدينية فى التعليم العام، وإصلاح مقرراته بما يعين على إنشاء جيل مسلم، وقد أخرج الدكتور من الوزارة ( !! ) بعد أن أدت اللجنة واجبها، فاستنقذنا هذه المقررات لإحدى الشعب التى اختصت بالجو المدرسى ]
واخترت لنفسى أن أكون فى اللجنة المعنية " بالجو الذى يسود المدرسة " لأن التربية المدرسية فى نظرى هى الدعامة الأولى للإفادة من العلم المبذول كما أنها الدعامة الأولى لإمداد أمتنا برجال ذوى معادن صلبة ومواهب راجحة وفضائل بارزة .
وقد انتهت اللجنة الموقرة إلى توصيات كثيرة، أستبيح لنفسى ذكرها آملاً أن ينفع الله بها، وأن تأخذ طريقها إلى الهواء والضياء !!
قالت اللجنة : " لا نستطيع أن نربى الطالب تربية دينية كاملة إلا إذا هيأنا له جواً روحياً فى مدرسته وفى بيته ليكون هذا المناخ الدينى من وسائل التعلق بهذه القيم والانتفاع بها، وبهذا تتلاقى المعارف الدينية التى تلقاها من مدرسه ومن كتابه بالجو المصبوغ بالصبغة الدينية النقية فتتحول المعرفة النظرية إلى سلوك دينى كما تتحول البذور فى الجو الملائم إلى زهور وثمر " .
وبذلك يمكن تثبيت العقائد وإلف العبادات وتزكية الأخلاق وتكوين جيل نزاع إلى الحق والخير متعاون على البر والتقوى .
ويتهيأ هذا الجو الدينى المدرسى المنشود بما يأتى :
( 1 ) يبدأ اليوم الدراسى بتلاوة من آيات الذكر الحكيم مجودة أو مرتلة لتشيع فى الجو المدرسى أنسام الطهر الروحى .
( 2 ) تدور كلمة الصباح بالإذاعة بين ثلاث دقائق وخمس دقائق، حول ما سمعه التلاميذ من الآيات المقروءة، وما تفرضه المناسبات الدينية، وما ترشد إليه من فضائل سامية، فى كلمات موجزة موحية .
( 3 ) أن تكون دروس التربية الدينية فى الحصص الثلاث الأولى ؛ ليشعر الطلاب بما للدين من قيمة عليا بين المواد الدراسية، وليكون التلميذ فى ذروة النشاط الفكرى، فيعى ما يسمع، ويقر فى نفسه .
( 4 ) أن تذاع الأناشيد الدينية أو قصة دينية قصيرة فى الفسحة الأولى من اليوم الدراسى .
( 5 ) أن ينظم الجدول المدرسى فيتلاقى ابتداء فسحة الظهيرة مع حلول وقت الظهر وينادى للصلاة ثم يدعى إليها بكلمات تحمس الطلاب لأداء الفريضة .
( 6 ) أن يخرج مدرسو اللغة العربية والتربية الدينية ومعهم إدارة المدرسة ومن شاء من المدرسين الآخرين أمام التلامي، ثم يتجهوا إلى المصلى ليكون هذا العمل الجماعى إشعاراً ملموساً بإقامة الشعيرة فى وقتها .
( 7 ) أن يكون لكل مدرسة مجموعة من الرواد الدينيين يتناسب مع عدد الفصول والطلاب، وهم الراعون لتلاميذهم يوجهونهم إلى مرشدهم ويؤمونهم فى صلاتهم وينظمون إقامة الشعيرة بجدول مخطط له حتى يؤدى الصلاة أكبر عدد من الطلاب، وعليهم أيضاً أن يعدوا تقريراً شهرياً عن سلوك كل تلميذ من تلاميذهم ويرسل التقرير إلى ولى أمره ليحس البيت برعاية المدرسة للدين فيعينها عليها .
( 8 ) أن يخصص يومان فى الأسبوع من فسحة الظهر تدور فيها مناقشات دينية مطبوعة متصلة بحياة التلاميذ ولا تستغرق من وقت الفسحة زمناً طويلاً حتى لا يضيق التلاميذ بها . وفى الأيام الأخرى تذاع مسرحيات دينية قصيرة تتصل بمنهجهم الدراسى ما أمكن ذلك .
( 9 ) أن تتجدد جماعات النشاط الدينى فتكون هناك جماعة للمسرح الإسلامى وغيرها للصحافة الإسلامية وأخرى للتاريخ الإسلامى .. بجانب الجماعات التقليدية كجماعة البر والإمامة وغيرهما .
( 10 ) أن يكون العاملون فى الميدان المدرسى قدوة حسنة تتسم بالإيمان والسلوك الحميد الذى ينعكس على تلاميذهم إيماناً وإخلاصاً وسلوكاً قويماً .
( 11 ) أن نجعل من بعض أيام الجمعة فرصة لالتقاء التلاميذ بأساتذتهم وأولياء أمورهم فى مصلى المدرسة، حيث تلقى عليهم دروس دينية حية تناقش أفكارهم على سعة، لنتيح اشتراك أولياء الأمور فى هذه المناقشة، مما يساعد على نقاء الجو المنزلى، ويوثق الروابط بين البيت والمدرسة .
( 12 ) أن تدور أسئلة التطبيق الدينى الأسبوعى والاختبارات الشهرية والفترية حول الموضوعات التى تثار فى الندوات واللقاءات الدينية لنشد انتباه التلاميذ إليها .
( 13 ) محاسبة المدرسين الذين يستهينون بدروس التربية الدينية فيستبدلون بها حصص المواد الأخرى .
( 14 ) تقسيم طلاب المدرسة إلى أسر إسلامية، وتسمى كل أسرة باسم شخصية إسلامية كبرى، على أن يكون تلاميذ كل أسرة على علم وثيق بمن انتمت إليه أسرتهم، على أن تتبادل هذه الأسر المناشط الدينية وتثار بينهم المنافسات الكريمة فى الجهاد الدينى، على أن يدعى أولياء الأمور لاجتماعات شهرية لهذه الأسر ؛ ليسهموا بجهودهم فى هذا المجال .
( 15 ) استخدام القيادات المؤمنة من الطلاب فى جذب زملائهم إلى الإطار الذى ترسمه المدرسة ليتحرك بنوها فى حدوده، فإن تأثير الطالب على زملائه أعمق من تأثير الأساتذة عليه .
( 16 ) وضع صندوق فى فناء المدرسة تجمع فيه التساؤلات الحرة للطلاب للرد عليها من جماعة الفتوى بالمدرسة .
( 17 ) أن يعنى بالاحتفال بالمناسبات الدينية احتفالاً مخططاً له، لتكون صورة متكاملة تطبع فى نفوس الطلاب الإجلال لهذه المناسبة، ويجعل الهدف من إحيائها ربط الطلاب بشعائر الإسلام ومبادئه، فينبنى الاحتفال على أن تعرض مكتبة المدرسة فى ركن خاص كل ما لديها من تواليف دينية أعدت لهذه المناسبة الإسلامية، كما تقوم بندوات وأناشيد دينية ومسرحيات وأشرطة إسلامية .
( 18 ) أن تزين جدران المصلى والمدرسة بلافتات تجذب الأنظار بجمال إخراجها وحسن اختيار ما يسطر عليها من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والحكم البالغة والعظات الدينية الموجهة .
( 19 ) الاهتمام باختيار شعار للمدرسة من الآيات والأحاديث، ويدرس الطلاب والطوالب بشتى الوسائل على الالتزام بما فى هذه الشعارات من قيم ومفاهيم، ويمكن أن يختار لمدارس البنات الشعار الذى يدعو إلى البعد عن التبرج والتمسك بأهداف الفضيلة والاحتشام فى الملبس والمظهر .
( 20 ) أن تكون للتربية الدينية ركن فى المكتبة العامة وفى مكتبات الفصول، ويزود هذا الركن بخير ما تخرجه المطابع من الكتب الدينية الحديثة التى تربط بين الدين والحياة وبين الدين والعلم، وتناسب كل مرحلة من المراحل الدراسية .
( 21 ) أن يكون للمصحف الشريف مكان الصدارة فى المكتبة العامة ومكتبات الفصول ومكتبة المصلى .
( 22 ) العناية بالوسائل المعينة التى تساعد التلاميذ على فهم أبواب المنهج الدينى، وتشوقهم إليه، وتؤكد مفاهيمه فى نفوسهم، على أن يشترك الطلاب فى إعدادها .
( 23 ) أن يكون بيد الطلاب فيما يقرر لهم من الكتب كتاب ذو موضوع واحد، يصور بعض البطولات الإسلامية والمعارك الإسلامية وأمجاد الإسلام العسكرية والعلمية، لتكون مثلاً عليا أمام الطلاب .
( 24 ) ينتفع بمجلس الآباء فى دراسة وإنقاذ كل ما يجد من مشكلات فى سلوك الطلاب وعلاقتهم بالمدرسة وتصرفاتهم الخارجية .
( 25 ) أن يحرص الزائرون الرسميون للمدرسة على الصلاة أمام التلاميذ ومعهم، ليترجموا عن العناية والاهتمام بأمر الدين، فتنصرف هذه العناية إلى التلاميذ .
( 26 ) أن نستعين ببعض أولياء الأمور وغيرهم من المثقفين ثقافة دينية واعية، فى إلقاء بعض المحاضرات أو الدروس الدينية ليكونوا من أدوات التأثير وعوامل الاستجابة من الطلاب، مع الاهتمام بما يدور بين الطلبة من تيارات ونزعات قد تنحرف بالعقيدة والوجدان الدينى .
( 27 ) التزام الحشمة والوقار فى الزى بمدارس البنات بين المدرسات والطالبات .
( 28 ) أن تعد المدرسة معرضاً دينياً ينظم كل ما أنتجه الطلاب من وسائل تعليمية دينية، كصور المصلحين الإسلاميين ومناسك الحج والمعارك والغزوات، مع بعض البحوث الدينية التى أعدها الطلاب بإشراف رائدهم، وفى هذا تجسيد للقيم الروحية التى ننشدها لإعداد الجيل الجديد .
( 29 ) إذا أمكن وصل النشاط الطلابى بالجماعات الإسلامية القائمة فى البلاد كان ذلك حسناً على أن يتم تحت إشراف المدرسة .
( 30 ) يوضع اليوم الدراسى فى إطار يحدد أوله ونهايته تحديداً متصلاً بالدين فلا يدخل التلاميذ فصولهم فرادى، ولا ينصرفون منها فرادى، ولكن يجمعون فى صفوف قبل الدراسة والانصراف ليرددوا أناشيد دينية وقومية ذات معنى روحى وخلقى .
( 31 ) أن تقوم المدرسة ببعض الرحلات الدينية التى يزور فيها الطلاب المساجد الكبرى والمتاحف الإسلامية والآثار والمعالم الدينية والتاريخية والمناطق السياحية الدينية، مما يوحى إليهم بأصالة ماضيهم الإسلامى وحضاراتهم المجيدة التى كانت مصدر إشعاع للعالم .
( 32 ) تفتح أبواب بعض المدارس فى كل حى من الأحياء فى جميع المدن بجمهورية مصر العربية تحت إشراف مسئولين، وذلك لتحفيظ القرآن الكريم فى مدة العطلة الصيفية، وأن تخصص مكافآت مغرية لمن يحفظ جزءاً من القرآن، وكلما زاد عدد الأجزاء من القرآن زادت المكافآت .
الحوافز :
( 34 ) خلق الحوافز بين الطلاب المتميزين دينياً من مثل إعفائهم من بعض الرسوم المدرسية أو رسوم الرحلات أو غير ذلك .
( 35 ) أن ترصد نسبة مجزية من حصيلة مجلس الآباء لتأثيث المصلى، وإثابة المجيدين والمسابقات الدينية وإعانة المحتاجين من الطلاب .
( 36 ) أن ترصد المناطق التعليمية مكافآت مالية سخية للطالب المثالى فى السلوك الدينى القيوم ليحفز ذلك غيرهم إلى أن ينهجوا نهجهم ويسلكوا سلوكهم .
( 37 ) إعداد لوحات شرف للممتازين فى تحصيلهم الدينى وسلوكهم المستقيم ولمن يقوم بأعمال فى البر تستلزم التنويه بها والإشادة بمن قاموا عليها .
( 38 ) إعداد شهادات تقديرية للطالبة أو الطالب الذى ينماز بال
مواضيع مماثلة
» قذائف الحق [ الباب الثامن ]
» قذائف الحق [ الباب السابع ]
» قذائف الحق [ الباب السادس]
» قذائف الحق [ الباب الخامس ]
» قذائف الحق [ الباب الثالث والرابع ]
» قذائف الحق [ الباب السابع ]
» قذائف الحق [ الباب السادس]
» قذائف الحق [ الباب الخامس ]
» قذائف الحق [ الباب الثالث والرابع ]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى